عجب ما أسرع ما ننسى . تمر علينا أوقات عصيبة نطرق معها جميع الأبواب ونشبت بأوهن الأشياء وأقواها . وعندما نصل إلى ما كنا نطمح إليه وأكثر ننسى وضعنا القديم ونبدأ بالتصرف بوضعنا الجديد ونمارس على الاخر ما كان يمارسن علينا . وكأننا لم نقف بنفس الموقف ونشعر بالظلم والحيف والتهميش وما نشاء من عبارات القهر. سيسأل البعض عن سبب هذا التدخل في شؤون الغير ، وسيصفني البعض بالحشري ،والغير الفاهم وغير المتتبع والتدخل في ما لا يعنني .والغريب أنني أصف نفسي بما سيقولون .لكن سأعود أحداث لا يعلمها إلا القليل .ولربما تنساها لأنها من الماضي . فعدرا لتدخلي في ما كان يعنني يوما وأصبح ما لا يعنني اليوم . في يوم من الأيام احس أحد الأشخاص بالحيف والظلم والغبن من طرف من كان في ذلك الوقت لهم قوة القرار .واصدروا في حقه الإقصاء والابعاد وحتى الطرد من انتمائه .لا يهم الأسباب فأهل مكة أدرى بشعأبها ولا يهم فالأمر كان جورا وميلا لحسابات شخصية .المهم أنه وقف على عتبة هذا الموقف وأصبح معه يطرق جميع الأبواب ويعرض أمره على الجميع يأخذ لنفسه شيئا من الإنصاف ورد اعتبار . ومنع من دخول والمشاركة في إحدى المحطات التاريخية الكبرى بقوة القانون – رغم أنه حيف – .ولا زلت أذكر أن بلغ به الشعور بالظلم درجة البكاء . نتيجة طبيعية في مثل هذا الشعور وهذا الموقف . وضل الأمر كذلك ما شاء الله أن يضل . ورجع إلى صفوف انتمائه معززا مكرما ونسي الجميع الموقف ومواقف أخرى سيطول ذكرها. وتدور رحى الزمان كعادتها ويستقر الأمر بيده تدريجيا .واخد مكان سابقيه ،قانونيا وطبيعا . وأصبح يعامل الآخر كما كان يعامل وأكثر . نسي أو تنسى . نسي أشخاصا أحداثا منذ كانا غلاما ورجلا يبحث عن موضع قدم ليثبت ذاته في هذا الانتماء . نسي الأشخاص من مدينته ومن مدن استضافته وأشركته في أمرها – التاريخ لا ينسى والحي لا ينسى -. لن أذكر الأشخاص ولا الأحداث فهم كثر وهي كثيرة . لكن ما أريد قوله أو بالأحرى أن أذكر به فإنتماؤكم الذي تنتمون إليه جعل للبناء وليس للهدم . جعل لنشر المبادئ الحسنة ،للتربية على الفضائل ،للمتعة المفيدة لبناء الجيل الحالي والقادم . وليس للحسابات الضيقة المبنية على قانون وضعي وضع للحماية وليس للعقاب .وضع لتنفيذ منهجية تربوية سليمة جماعية لا فيها إقصاء ولا عقاب ولا تهميش ولا ولا ولا . ووانتماؤكم منزل كبير فيه آباء واخوة وأبناء وحفدة . فيه الصالح والطالح وفيه المحسن والمسيئ والمصيب والمخطئ – وهو حال جميع المجتمعات والانتماءات وحتى الأسر . لكنه بيت واحد وأسرة واحدة بقوة الانتماء .ولا يمكن بأي حال من الأحوال إصدار قوانين تقضي بنبذ اي عنصر منتم إلا بما يحدده القانون . وفي انتمائكم هو القانون التربوي التربوي أولا . وانتم أدرى به مني . فالاب لا يطرب ابنه من المنزل ولكن يصلحه، ينبهه . يحاوره ، يبحث عن مصدر الخلل ويساعده في الإصلاح . في الانتماء نحتاج للمتابعة والمساعدة والتوجيه . ما دمتم لا تقدموا شيئا ماديا فعلى الأقل قدموا أشياء معنوية تساعد على الإصلاح والتوجيه . لكن فاقد الشيئ لا يعطيه ولا تنتضروا أن تحصلوا على النتائج المرجوة إلا بالعمل لها . وخاصة أن العمل تطوعي صرف لا ترجون منه شيء . ونستفيد مما مررنا به من مواقف وإحداث ومشاعر ولنقسها على موقفنا الحالي خاصة وإن كان موقف مسؤول أو مهمة . تطمحون لنشر انتمائكم ، فليكن الطموح بالكيف ،كيف المبادئ والأهداف ولا يكون الطموح بالكم ، كم الأعداد والأرقام للتظاهر والتباهي … فعندما تفكر في فتح مكان جديد يكون امتدادا لكم فإما أن يكون مسايرا لطموحكم بالمتابعة والمساندة وليس بالأغلا ق وطرد وفلان وتوقيف فلان .
الكاتب : القائد يوسف الصقلي
رائع جدا ـ قائد يوسف الصقلـــي .