بعضهم قضى في الحركة الكشفية ثمانين عاما، وبعضهم قضى سبعين عاما وبعضهم قضى ستين عاما وبعضهم قضى خمسين عاما، وبعضهم أربعين وبعضهم ثلاثين….
اليوم افتتح المؤتمر الثامن للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات الذي تستضيفه الكشافة الكويتية خلال الفترة من 29 فبراير إلى 7 مارس 2016م،
جلست أتأمل في وجوه الحاضرين من الأردن والإمارات والبحرين والجزائر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب واستعيد ذكرياتي مع كل واحد منهم وأحصر في ذاكرتي هذا لقيته متى؟ وهذا لقيته أين؟، وماذا دار بيننا من أحاديث؟، وماذا جمعنا من ذكريات؟، وأتذكر الدور الذي لعبه كل واحد منهم في تأسيس الحركة الكشفية في بلده؟، ومن الذين تربوا على أيدي كل واحد منهم؟، جلست أتخيل عدد الذين أسهم هؤلاء الرواد في تربيتهم سواء في بلدانهم أو من امتد أثره منهم ليتجاوز حدود بلده إلى بلدان عربية أخرى؟، وحاولت أن أتذكر المهام والمناصب التي تولاها كل واحد منهم في بلده، منهم من كان رئيسا لوزراء ومنهم من كان وزيرا، ومنهم من كان رئيسا لقطاع، ومنهم من كان عضوا في المجلس النيابي لبلده، ومنهم من كان محافظا، أو واليا، ومنهم العالم ومنهم من كان خبيرا في مجال التعليم، ومنهم من كان أستاذا جامعيا، أو سفيرا لبلده، ومنهم من أنعم الله عليه بالمال فاستخدمه في دعم الحركة الكشفية إيمانا منه بدورها التربوي في تنمية الشباب.
كم كانت المشاعر فياضة عندما التقوا مع بعضهم، أحاديث جياشة، واحضان بالود والصداقة دافئة، وأيادي تلتصق بالأيادي تأبى أن تفارقها حتى لا تفترق.. ذكريات لا تنقطع.. وأحاديث لا تمل.. وحوارات غنية بالتجربة.. بعضهم لم يلق الآخر منذ ما يقرب من ربع قرن، وبعضهم أكثر وبعضهم أقل، لكن أرواحهم لا تفترق فهم دوما في تواصل ولو بالذكريات الحلوة الجميلة.
بعض الناس يتساءلون ماذا سيقدم الرواد للكشافة؟، والآن أدرك الجواب ففي الحقيقة ليس مطلوبا منهم أن يقدموا شيئا للكشافة.. فهم حالة فريدة من الوفاء.. حالة فريدة من الاندماج الإنساني الذي ليس له غاية غير الحب.. غير الصداقة المتينة التي وثقت عراها الأيام والتجارب والمواقف والذكريات.. جمعتهم خيمة الكشاف والمعسكرات والدراسات والندوات وورش العمل والمؤتمرات.. عملوا كثيرا من أجل الكشفية.. وجاء اليوم الذي آن لهم أن يرتاحوا إلا من متعة اللقاء.
إن الاهتمام الواجب من قبل الجمعيات الكشفية العربية بالرواد لهو كلمة الشكر الوحيدة التي نقدمها لهؤلاء الرواد بعد رحلة طويلة من العطاء والتفاني والإخلاص وإنكار الذات والتطوع بصدق من أجل رسالة آمنوا بها هي رسالة الكشافة وقيمها ومبادئها وأهدافها ومن أجل تحقيق وعدها وقانونها لتربية أجيال من الفتية والشباب وليربوا مواطنين صالحين أمثالهم ينتجونهم لمجتمعاتهم المحلية.
شكرا لكشافة الكويت استضافة هذه التظاهرة الجميلة لرواد الكشافة والمرشدات العرب، وشكرا للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات اهتمامهم وعنايتهم بالرواد وأنشطتهم.. لقد ملأتم قلبي سعادة ورسمتم على وجه كل رائد ابتسامة..
بقلم/ هشام عبد السلام موسى
المصدر : https://facebook.com/hisham.a.badawi