كثيرا ما نتحدث عن حياد الحركة الكشفية… ويطرح هذا الأمر كلما تحدث أحدنا عن موضوع يهم الشأن العام مخاطبا الكشافة بوجهة نظره الشخصية… فتأتي بعد قوله تعقيبات بل ومقاطعات ممن يحاول تذكيره بحياد الكشافة تجاه ما اختلف فيه غيرهم… وخاصة إن كان المتحدث ذا مسؤولية في جمعيته الكشفية… مما يسلبه حقه في التعبير عن آرائه تجاه قضايا مجتمعه وأمته بكل حرية… ويحرم الكشافة من تبادل الآراء والأفكار فيما بينهم بخصوص ما يجري من أحداث في وطنهم الصغير والكبير.
الحياد… تلك الميزة التي ألصقناها بحركتنا الكشفية دون أن نستفيض في فهم مغزاها ودون خوض في مدى كونها عامة على كل ما يستدعي منا قولا أو فعلا… أو أنه وضع خاص بأمور بعينها قد تخرج حركتنا الكشفية من الأهداف التي أسست لأجلها… وضده الانحياز… الذي يقتضي كشفيا ألا نميل لما فيه نزاع أو خلاف أو اختلاف أو تنافس بين توجهات بعينها… ومنطلق كل ذلك تعريف الحركة الكشفية بكونها لا تميز بين دين ولا لون ولا جنس ولا عرق إضافة لكونها غير سياسية ولا حكومية.
لكن هل يعني كل ذلك أن نبقى سلبيين تجاه قضايا أوطاننا وأمتنا فلا ندلي برأي ولا نشارك بعمل يهم قضايا مصيرية؟ علما أن تلك القضايا قد تكون من صميم رؤية الحركة الكشفية ومهمتها إذا أمعنا النظر فيها وفتحنا أذهاننا لفهم أهدافنا بمفاهيم أوسع… أبدا، لا يعني الحياد ألا ننحاز لحق ضد باطل، وصلاح ضد فساد، ونور ضد ظلام، وإيجاب ضد سلب… ما دمنا هنا لنربي أجيالا ونصنع رجالا ونساء نعول عليهم بعد الله في البناء… فلا حياد بين حسن تربية وسوءها… وبعبارة أخص… لا حياد كشفيا بين ما يصب في تحقيق رؤية الحركة وبين ما يقف عائقا يحول دون ذلك.
وقبل هذا وذلك وبعده، لا حياد بين ما يرضي الخالق جل شأنه وبين ما يغضبه… والانحياز مطلوب بل واجب بل حتمي لما أمر به الله عز وجل ضد ما نهى عنه… فهو القائل في القرآن الكريم : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}… كما ننحاز للسنة المطهرة لخاتم المرسلين المرسل للناس أجمعين، مصداقا لقوله تعالى {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}… ننحاز لذلك كله انحيازا تاما كاملا ونحث على ذلك ناشئتنا وشبابنا من خلال أنشطتنا وفق طريقة الكشافة ومناهجهم ما دامت لا تخالف المنهج الرباني والنبوي المراد لنا ولأمتنا وللإنسانية جمعاء…
وللحديث بقية في هذا الشأن… في صافرة قادمة إن يسر الله جل شأنه.
أخوكم / الصديق الصباحي