عروض و بحوث

‫التطوع فى الحركة الكشفية (المفهوم .. المبادىء .. التحديات)

تقديم:
انطلقت الاستراتيجية الكشفية العالمية في الأولوية رقم (5) “المتطوعون في الكشفية ” من قناعة مؤداها الاعتماد على مقاربات جديدة ومتطورة لتوسيع قاعدة ودعم الراشدين؛ حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها الأساسية القائمة على تنمية العضوية والانتشار القاعدي العريض, والمساهمة في بناء عالم أفضل!

ويمثل المتطوعون العنصر الأساسى والمرتكز الأول في بلورة هذا التوجه وهذا الاختيار من خلال مساهمتهم المميزة في تخطيط, وإعداد, وتنفيذ برامج جذابة, ومشوقة, تتصف بروح التحدي وتنسجم مع احتياجات ومتطلبات الشباب, وتعمل على تأهيلهم لمواجهة تحديات القرن الـ (21) بكل فعالية وإيجابية.
ويعتبر التنفيذ السليم لسياسة تنمية الموارد البشرية بعناصرها الثلاثة: (الجذب والتوفير, والدعم والمساندة, والمتابعة والتقييم) على مستوى الجمعيات الكشفية الوطنية, وسيلة وأداة عملية؛ لتوفير واختيار عدد كبير من المتطوعين ذوي القدرات المتنوعة والجيدة.
ما المقصود بالتطوع؟
لغوياً: المتطوع هو من يقوم بأداء عمل اختياراً دون أن يكون فرضا عليه، ويتخذ مفهوم التطوع تفسيرات مختلفة حسب المنطلقات التي تعتمد عليها كل جهة, ومهما يكن فيمكن الإشارة إلى أربعة تعاريف اصطلاحية لهذا المفهوم؛ وهي كالآتي:
– التعريف الأول: التطوع هو نشاط منظم اختياري؛ والتحفيز ليس هو المحرك الأساسي, بل العمل والجهد من أجل الآخرين (المناظرة العالمية حول التطوع 2001).
– التعريف الثاني: التطوع هو المجهود المحقق من طرف المواطن من أجل مجتمعه, أو من أجل جماعة معينة, بدون انتظار مقابل مادي على هذه المجهودات سواء الذاتية أو المادية (الشبكة العربية لمنظمات المجتمع المدنى 2001).
– التعريف الثالث: التطوع انخراط من أجل التبرع بالوقت, والمجهود, والقدرات, والإرادة الحسنة, من أجل إتمام المهام المختلفة كمساعدة الأطفال الصغار في واجباتهم المدرسية, أو تجميع النفايات في المتنزهات (الملتقى الأوربي حول الخدمة المدنية الدولية 2002).
وفضلا عن التعريفات الثلاثة السابقة يمكن الركون إلى التعريف الذى تولد خلال النقاشات حول الأولوية الاستراتيجية العالمية ” التطوع ” في الكشفية في فبراير 2002, ومؤداه:
” أن التطوع يتعلق بالمجهود المبذول من طرف المحترف أو المتطوع في خدمة ضرورية بانخراط تلقائي وذاتي, وبدون تعويض مادي كمقابل

المحددات الثلاثة للتطوع:

رغم الاختلاف الحاصل بين التعاريف لمفهوم التطوع؛ هناك قواسم مشتركة في كل عمليات وأنشطة التطوع؛ يمكن الوقوف عليها؛ وهي:
– مفهوم التعويض: التطوع يجب ألا يتم أساسا من أجل جني أو ربح المال, والمهام والتحركات يمكن تعويضها بدعم في التأهيل ولوازم العمل.

– التحفيز الشخصي للمتطوعين: يجب التمييز بين الأشخاص المتطوعين بشكل تلقائي, وبين الأشخاص المقحمين قسرا في مهام, رغم أنها تتسم أحيانا بسمة تطوعية.

– المستفيد أو المجموعة المستفيدة: هناك مجموعة مهمة تستفيد من أعمال المتطوعين وتختلف عن المتطوعين, وهذا ما يميز التطوع عن الأنشطة والهوايات الترفيهية الأخرى.
ورغم هذه المحددات الثلاثة, فإن التطبيق العملي للتطوع يختلف من دولة لأخرى حسب ظروفها الاقتصادية وثقافتها واختياراتها السياسية, ومن أجل تحديد أدق؛ يمكن بلورة المبادىء الأساسية للتطوع؛ وفقا للآتى:
مبادىء التطوع:
– العملية التطوعية تنبع من الداخل.
– العملية التطوعية غير مفروضة.
– العملية التطوعية لاتنجز من أجل امتيازات مالية.
– العملية التطوعية لاتخضع لتقنين إداري صارم.
– العملية التطوعية انخراط؛ بالوقت, والجهد, والخبرة من أجل هدف معين.
– العملية التطوعية تنفذ من أجل تحقيق مجهود دال ومميز لفائدة المجتمع.
– التطوع استجابة لاحتياج ذاتي.
– التطوع يرتكز على قاعدة الاختيار التضامني.
– العملية التطوعية نشاط يستفيد منه كل من الجماعة والمتطوع على السواء

هل نحن محتاجون إلى التطوع؟

مجموعة من الجمعيات والهيئات أنشئت في أساسها اعتمادا على الفكر التطوعي, وساهمت بشكل فعال في إشباع مجموعة الاحتياجات التربوية والاجتماعية المنتظرة منها, والتاريخ يؤكد أن الفكر التطوعي والمتطوعين قادرون على أن يقدموا خدمات جليلة لجماعاتهم ومجتمعاتهم.
وتؤكد الدراسات الأخيرة أن المتطوعين يقدمون خدمات جد هامة للاقتصاد, توازي ما بين (14.8%) مما يصرف على مشاريع التنمية البشرية.
ومن أجل تحقيق هذه المهمة كباقي التنظيمات التطوعية, تعتمد الحركة الكشفية وتبحث باستمرار عن شباب, يرغبون في التطوع والمساهمة بحرية بخدماتهم وأوقاتهم بدون أى أجر أو مقابل.
والحركة الكشفية تاريخيا قادها المتطوعون في جميع المستويات التنظيمية منذ نشأتها سنة 1907. وعلى سبيل المثال؛ فإن المؤتمر الكشفي العالمي الذي يمثل أعلى سلطة للحركة الكشفية, فإنه يشرك بشكل عام المتطوعين (رؤساء الجمعيات الوطنية) في جميع القرارات الهامة المتعلقة بتعديل وتطوير القوانين والأنظمة, وتحديد التوجهات العامة والاختيار والتصويت على اللجنة الكشفية العالمية الجديدة, وتقديم التوصيات والمصادقة على المقررات.
وبنفس الطريقة على مستوى الأقاليم, فإن المتطوعين المسئولين يتم انتخابهم لتشكيل اللجان الكشفية الإقليمية, فضلا عن لجان عديدة يتم تعيينها للمساعدة وكلها من المتطوعين؛ وهكذا فإن المهام الأساسية من المفوضين الوطنيين ومساعديهم, والمهام الرئيسية في المستويات الجهوية والمحلية كلها تدار من طرف المتطوعين.
وحتى على مستوى الوحدة الكشفية, فإن المتطوعين هم القوة المحركة منذ بداية الحركة الكشفية, وهم القاعدة العريضة من متطوعينا, فملايين منهم تلعب دورا مهما وحساسا من خلال قيادة ومعاونة الشباب على التنمية الذاتية, إنهم هم الذين يطورون الحركة, ويؤثرون تأثيرا رمزيا ودالا في حياة وتوجهات الشباب, وبدونهم لايمكن للحركة الكشفية أن تحافظ على نموها, وأن تكون أول قوة شبابية في مجموعة من دول العالم.
متطوعونا في الحركة الكشفية يمثلون بوضوح مرتكز الحركة؛إنهم ” روح ” الحركة, والوضع الذي وصلت إليه الحركة اليوم, كأول حركة شبابية في العالم, يعود فيه الفضل بامتياز إلى الانخراط في المهام الحية والمثيرة لمجموعة من متطوعي الأمس واليوم.
ويبلغ عدد القادة المتطوعين حسب إحصاء (31 ديسمبر 2001) (2.7) مليون راشد متطوع في العالم, ضمنهم (87%) ذكورا, معدل سنهم (46) سنة؛ وتعزيزا لهذا الرأسمال البشري الذي يمثل مفخرة للحركة الكشفية, وفي محاولتنا لتنمية العضوية, ومجابهة تحدي القرن الـ (21)؛ نجد أنفسنا في حاجة ماسة إلى عدد أكبر من المتطوعين, من أجل تحقيق مهمتنا, ومن أجل أن نجعل من العالم مكانا أفضل لحياة الجميع!.‬

القائد : محمد معاشب

alt 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock