انخرطت الكشفية الحسنية المغربية في السياسة العالمية لتنمية الراشدين منذ سنة 1996. وقد اهتمت المفوضية الوطنية في التكوين وتنمية الراشدين بمجموعة من شاغلي المهام الكشفية على الصعيد المحلي والجهوي والوطني.
فبالإضافة إلى مهام قائد الوحدة ومساعديه وقائد التدريب ومساعديه، عملت هذه المفوضية على تنظيم تداريب أخرى في مهام الإعلام والعلاقات العامة والاقتصاد والتموين والإدارة والتوثيق ورؤساء المجموعات الكشفية ومفوضي المشاريع وتنمية المجتمع ورؤساء المخيمات والمفوضين المحليين والمفوضين الجهويين …… وأصبح لجمعيتنا عدد كبير من القادة خلال العشر سنوات الأخيرة، وصل عددهم إلى أكثر من ضعف العدد الذي تم تدريبه من قبل. لكن مع الاسف ، نجد أن هذا المجهود لا اثر له على أنشطتنا ومخيماتنا الكشفية محليا وجهويا. وتبقى الفروع والجهات تعاني دائما من نقص في القيادات المحنكة وذوي الكفاءات. وقد اكتسبت الجمعية عبر هذه التجربة تراكمات كافية للوقوف على مكامن الضعف والقوة وإمكانية تحديد الفرص والصعوبات التي واجهتها عند تطبيق مراحل هذه السياسة العالمية.
إن مسألة التكوين وتنمية الراشدين ليست بالأمر الهين، بل تتطلب هيكل تنظيمي ملائم للظروف التي تعيشها الجمعية على مستوى الاحتياجات والتدريب والمتابعة وإدارة شؤون القادة. حيث يكون لهذا الهيكل علاقة رسمية بالمسؤولين عن تطوير وتقييم برامج الفتية والشباب والمكلفين بالتدبير الإداري والمالي والقائمين على مجال الإعلام والعلاقات العامة. وهكذا فإن الإستجابة لتكوين القادة وتنميتهم تعد عملية صعبة، نظرا لعدم كفاءة الطرق والوسائل المستخدمة في تحديد الاحتياجات، والاهتمام المتزايد دائما بالتدريب الرسمي فقط مع إغفال باقي أنواع التداريب، لعدم وجود إرشاد ودعم ومتابعة من طرف المجموعات الكشفية والفروع والجهات ليأخذوا بيد القائد أو القائدة ومساعدته (ها) أثناء التدريب غير الرسمي. كذلك نجد بأن القادة يهتمون أكثر بتداريب قادة الوحدات ومساعديهم (نظام الشارة الخشبية) وتداريب قادة التدريب ومساعديهم، في حين لا يكترثون لأهمية تداريب التقنيات الكشفية التي تبقى المدعم الأساسي للبرنامج الكشفي. علما بان مفوضيات المراحل قامت بمجهود محترم في هذا الباب عبر تنظيم مجموعة من التداريب في المجالات التالية: حياة الخلاء، التقاليد الكشفية، الأناشيد والألعاب، الإسعافات الأولية، فن العقد والريادة، تقنيات التنشيط والتعبير، الورشات اليدوية ……. لكن تبقى نسبة مشاركة القادة ضعيفة إذا قارناها بتداريب التأهيل القيادي المذكورة أعلاه.
من جهة أخرى، وبالإضافة إلى إلمام القائد بالمعلومات والمهارات والقيم والاتجاهات الكشفية المتنوعة، فإن تنمية الراشدين تقتضي التعرف على درجة التنظيم الفكري للقادة، فكلما زادت درجة تنظيمه الفكري زادت كفاءته القيادية. كما ان القائد أو القائدة لابد وأن يتدرب أو تتدرب على المعارف والمهارات الأساسية للإدارة من حيث وظائفها المتعددة، وتحديد الأهداف ورسم السياسات المناسبة لتطوير الحركة الكشفية وتنظيم الهياكل وتوصيف المهام وتحديد اختصاصاتها. كما أن تنمية الراشدين تعتمد على مناهج وأساليب البحث العلمي من حيث النظريات المختلفة ذات العلاقة، وكذلك بأدوات جمع المعطيات والبيانات المختلفة وسحب العينات وتصنيفها وتحليلها. لأنه لا يمكن للقائد أن يحدد احتياجات الفتية والشباب وبالتالي احتياجات المجتمع إذا لم يستخدم أساليب علمية مضبوطة.
من هذا المنطلق نجد أنفسنا أمام إشكالية كبرى تقتضي منا الإجابة عن عدة تساؤلات يمكن إجمالها فيما يلي: كيف ننظر إلى نظام التكوين وتنمية الراشدين بالجمعية؟ هل هو مواكب لاحتياجاتها وتطلعاتها؟ هل برامج التكوين تستجيب لانتظارات القادة؟ هل التداريب التي ننظمها مواكبة لتطلعات الجهات والفروع؟ هل المجزوءات التدريبية (المواد/ المواضيع) تتضمن العناصر الأساسية لتنمية القادة وتزويدهم بأنواع مختلفة من الأنشطة والمصادر التعليمية؟ هل جمعيتنا على المستوى المحلي والجهوي والوطني واعية بتكوين الخلف القيادي والبحث عن متطوعين ذوي الكفاءات في الوقت المناسب والمكان المناسب، من أجل ضمان استمرارية مشروع الجمعية؟ هل القائدات والقادة الممارسون لا زالوا يرغبون في التطوع، كأولوية الإستراتيجية الكشفية العالمية، ويساهمون بحرية بخدماتهم وأوقاتهم بدون أي أجر أو مقابل؟ لماذا أغلب القادة المشاركين في تداريب التأهيل القيادي وتداريب التقنيات الكشفية لا يتوفرون على فرقة كشفية على الصعيد المحلي داخل المجموعات والفروع؟ لماذا نجد بأن الجهات لا تقوم بتوفير ودعم ومتابعة وتقييم وتحفيز قادتها؟ من المسؤول بصفة عامة، عن غياب إدارة شؤون القادة محليا وجهويا؟
القائد : عبد السلام بوغابة