في ظل النقاش المفتوح حول “المخيمات الكشفية الصيفية ” و المستوى المتردي الذي تعرفه من حيث الجانب التربوي – البيداغوجي و حتى الجانب اللوجستيكي ( توفير الخدمات لإنجاح البرنامج)، أريد أن أساهم بمداخلة لتقديم مقاربة تربوية حول مخيمات مرحلة الكشاف المتقدم .
قبل ذلك لابد من الإشارة إلى الأهمية التي توليها الحركة الكشفية لهذه الفئة من الشباب من خلال المنظمة الكشفية العالمية و المنظمة الكشفية العربية لتفادي تسربهم من الحركة و جذب شباب في سنهم للممارسة الكشفية. و في هذا الصدد، قد أشارت الخطة العربية في مجال البرامج و تنمية المراحل في إحدى أولوياتها المتعلقة “بالمراهقين ” إلى وضع برامج تساعد على مشاركة الشباب و بما يتماشى مع أصالة الحركة و متطلبات العصر. و هنا يطرح السؤال : ماذا أعدت الجمعيات الكشفية الوطنية و منها جمعيتنا الكشفية الحسنية تبعا لهذه الخطة؟
ففي غياب استراتيجية تربوية ، و غياب إطار عام لتنظيم عملية التخييم تخص كل مرحلة كشفية ، يتم حشر جميع المراحل الكشفية من الأشبال الى الجوالة في مخيمات الشبيبة و الرياضة المتهالكة و يقدم لهم برامج غالبية أنشطتها ليست لها أهداف تربوية و لا تتماشى مع ميول و تطلعات كل مرحلة سنية. و حتى أنشطة حياة الخلاء و الفنون الكشفية التي من المفروض أن توظف في المخيمات لتنمية القدرات لدى الأفراد أصبحت حكايات يحكيها بعض القادة القدامى الذين مارسوها في إحدى المخيمات، كما ظلت أحلاما بالنسبة الأفراد الذين يتمنون ممارستها.
أي مقاربة تربوية لمخيمات مرحلة الكشاف المتقدم ؟
إن الشباب في سن مرحلة الكشاف المتقدم يجذبه في الحركة حياة الخلاء و التجوال و المغامرة و الاستكشاف و الجلسات الليلية حول دفء نار هادئة للتحدث مع أقرانهم حول مغامراتهم و انجازاتهم، و الاشتغال مع أقرانهم من أجل تحقيق حلم مشترك مما يساعدهم على اكتشاف قدراتهم و اكتساب خبرات جديدة. و كل هذه الاحتياجات لا يمكن أن تلبى إلا من خلال المشاركة في المخيمات الكشفية عملا بالمبدأ الذي يقول ” لا كشفية بدون مخيم “ بمعنى “المخيم ركن رئيسي في الكشفية و الطبيعة جوهر الرسالة الكشفية “.
و يعتبر المخيم أهم مشروع للفوج ( مجموعة الكشاف المتقدم) لتتويج سنة كشفية مليئة بالأنشطة. و هو حلم لكل فرد و جماعة داخل الفوج، يتم إعداده طيلة الموسم الكشفي بمشاركة قيادات و شباب كل له أهدافه الشخصية و دوره للمساهمة في تحقيق أهداف المشروع . والقيادات تتكلف بمصاحبة الشباب في إعداد مراحل مشروع المخيم بمنحهم الثقة في ذواتهم وبدون الاستخفاف بقدراتهم و تحفيزهم على الابتكار و الابداع . و اعتماد الطريقة الكشفية لتنشيط الأفراد و الجماعات داخل الفوج لاختيار مهام و مسؤوليات و الالتزام بها.
و ذلك انطلاقا من مرحلة اختيار المنطقة التي سينظم فيها المخيم و جمع المعلومات الاجتماعية و الاقتصادية و السياحية و البيئية المتعلقة بهذه المنطقة ، مرورا بمرحلة الإعداد المتميزة بالاشتغال الفعلي و العملي للشباب حيث يشرعون في التفكير و البحث و مناقشة وتنظيم جميع الجوانب المتعلقة بالمخيم كل حسب مسؤوليته و مهمته. و نورد في الجدول التالي أمثلة لبعض المتطلبات أو مهام للتحضير لمخيم الفوج في أحسن الظروف و التي يتم الاتفاق عليها من قبل مع الشباب . كما توزع عليهم هذه المهام و فق اختياراتهم و تطلعاتهم . و يسهر القادة على تتبع انجازات كل شاب و مساعدته على تحقيق أهداف مشروعه الشخصي التي يحددها بنفسه حسب المهمة التي يختارها. و يعتبر المشروع الشخصي لكل شاب بمثابة تعاقد بينه و بين القائد و رفاقه في الفوج.
العمل المطلوب |
المسؤول |
تحديد الميزانية |
المكلفون بإعداد الميزانية و تتبع مالية المخيم |
حديد ظروف الإقامة : في الخيام أو بنايات و تحديد مسافاتها من الأسواق و مصادر التموين تحديد نوعية مرافق المخيم و كيفية إنجازها |
المكلفون بالإقامة |
إعداد أنشطة المخيم بتنسيق مع رفاقهم في الفوج حسب المعطيات الميدانية للمنطقة |
المكلفون بالنشاط العام |
تحضير تجهيز الفوج و الدوريات حسب ظروف الإقامة و نوعية الأنشطة |
المكلفون بالتجهيز |
و ضع برنامج التغذية لفترة التخييم |
المكلفون بالاقتصاد و التغذية |
جمع المعلومات حول منطقة التخييم و أخذ صور و إعداد شريط فيديو للفوج خلال فترة التخييم …… |
المكلفون بالاتصال |
…………………………………. |
…………………………. |
بينما خلال فترة التخييم يتم تنفيذ كل ما أعده الشباب تحت إشراف قادتهم و الاستمتاع بأنشطة المخيم التي خططوا لها بأنفسهم . و كل ينجز مشروعه الشخصي ( خطة القيام بالمهمة ) الذي يشكل جزء من مشروع مخيم الفوج. كما من واجب القيادات برمجة محطات لتقويم انجازات الشباب خلال المخيم في إطار مشروعهم البيداغوجي للمخيم.
هم الأنشطة التي تمييز مخيم الكشاف المتقدم
- أنشطة حياة الخلاء و الفنون الكشفية: ابتكار لوازم التخييم و مرافق المخيم لجعل فضاء التخييم ملائما و يعكس المستوى الكشفي للفوج دون إلحاق ضرر بالطبيعة
- أنشطة الدوريات: إعداد الوجبات الغذائية، الخدمات، المجالس ….
- الأمسيات الليلية ، رحلات الاستكشاف ، خدمة اجتماعية للمنطقة المحيطة بالمخيم..
خلاصة:
من هذا المنظور نستخلص أن هذه المقاربة تمكن من إعطاء الشباب الحق في المشاركة و الاختيار و بلورة و تنفيذ مشاريعهم الفردية و الجماعية. و تربيتهم بالاعتماد على النفس و تنمية الخبرات و المواهب ، و وضعهم في وضعيات مختلفة لمواجهة الصعاب و إعدادهم لمواجهة التحديات المتنوعة في الحياة، و تمكينهم من ” قيادة سفينتهم بأنفسهم ” كما يقول مؤسس الحركة و الاستجابة لاحتياجاتهم و رغباتهم .
شهيد الفضيل