هل يوجد في الحركة الكشفية تفكير إبداعي؟ هل المناهج الكشفية تدفع الفتية والشباب إلى التفكير الإبداعي ؟ وهل فكر مبدعو المناهج الكشفية في وضع آليات وأدوات ووسائل ديداكتيكية تمكن الفتية من توظيف طاقاتهم الدفينة وتجنيد ما توفر لديهم من موارد سواء الداخلية والخارجية بغية التفاعل مع الذات ،مع الأخر ومع المحيط ؟ هل البرامج والأنشطة الكشفية سواء القديمة أو الحالية تدفع الفتية إلى التفكير الإبداعي؟
دفعتني جل هذه التساؤلات إلى النبش في الذاكرة لأجد لنفسي جوابا يبرر انتمائي للحركة الكشفية لمدة تفوق الثلاثون سنة،وإعجابي بطريقتها المتميزة في التعلم ،لأجد جوابا يجعلني افتخر بما قمت به كقائد وكمربي وكمسؤول عن صقل مواهب الفتية وتنمية قدراتهم بشتى أنواعها .
أدركت وليس بالقريب أن الحركة الكشفية ليست كمثيلاتها من الأنماط التربوية سواء على الصعيد الوطني أو العربي أو العالمي ، ذلك لأنها تتميز بأسلوب تربوي متكامل وشمولي يهدف إلى بناء شخصية الفتي وبلورتها بغية التأقلم الايجابي مع التفاعلات المجتمعية و الاستفادة منها كما وكيفا ، أسلوب يعتمد على المعرفة الدقيقة لخصائص نمو الفتية، يأخذ بعين الاعتبار تمثلاتهم ورغباتهم و احتياجاتهم خلال تدرجهم الكشفي في مرحلة معينة أو عند انتقالهم إلى مرحلة أخرى ، كما يوفر المناخ والبيئة البيداغوجية التي تلاءم تقدمهم بغية دفعهم إلى العمل والتحدي والمغامرة و تعزيز رغبتهم في الاستكشاف والتجربة، و الكشف عن قدراتهم الطبيعية على الابتكار والإبداع . أسلوب يضاهي احدث النظريات التربوية،أسلوب يعتمد كما وكيفا على الطريقة الكشفية ، طريقة تجعل الفتى يتعلم بالممارسة وداخل مجموعة صغيرة انطلاقا من احتياجاته ورغباته ، طريقة تنمي فيه روح الاختيار والاستقلالية ، وتذكي فيه روح الحرية دون المساس بحرية الآخر ، طريقة تعلمه كيف يأخذ القرار ويدافع عنه ، وكيف يلتزم بما وعد به سواء مع نفسه أو مع أقرانه وقياداته و مع المجتمع المحيط به .
من هذا المنطلق يمكن لي أن اجزم أن التفكير الإبداعي ليس وليد هذه الطفرات الحداثية التي غزت عالم التربية بل انه جوهر التربية الكشفية مند التأسيس إلى حد الآن .
لكن لماذا يغيب الإبداع في ممارساتنا التربوية داخل الوحدات الكشفية اليوم؟ لماذا يضجر الفتية والشباب من البرامج المقدمة لهم ؟ لماذا لا تحض التربية الكشفية سواء في بلادنا أو في باقي البلدان العربية بقيمتها الحقيقية ؟ أين يوجد الخلل ؟
العيب فينا وليس في الحركة الكشفية، العيب في طرق تفكيرنا، العيب في مشروع تربوي قديم ومتجاوز، العيب في ممارساتنا التربوية داخل الوحدات الكشفية ، العيب في طرق وأنماط تكوين وتأهيل قادة الوحدات .
هذه دعوة صريحة لإعادة النظر في رأسمالنا البشري ؛ قادة الكشفية الحسنية المغربية كبر شأنهم أم صغر، إعادة النظر في طرق تناول كبارهم للشأن التربوي بالجمعية ، إعادة النظر في طرق تأهيل وإعداد قادة الوحدات الكشفية لولوج عالم التربية ، لخوض مغامرة التغيير والتأثير والإقناع ، ذلك لان في غياب الموارد البشرية الكفأة والشابة والمجددة والطموحة يغيب الإبداع ، وتغيب الحياة في الحركة الكشفية على وجه العموم .
إعداد القائد :سعيد الفرحاني