ملخص الجزء الأول :
العلاقة التربوية هي علاقة تعامل تفاعلي بين قائد الوحدة الكشفية و أفراده. و تنتج هذه العلاقة خلال عملية تربوية كشفية في فضاء معين تمارس فيه الكشفية . و هذه العلاقة التربوية لها أبعاد مختلفة من حيث المضمون و الأهداف و هي متداخلة فيما بينها . و نلخصها فيما يلي:البعد البيداغوجي، البعد التواصلي، و البعد السيكولوجي.و سوف نتطرق بإذن الله في هذا الجزء للبعد البيداغوجي للعلاقة التربوية التي تنشأ بين قائد وحدة كشفية و أفراده . وفقنا الله في ذلك
الجزء الثاني : البعد البيداغوجي للعلاقة التربوية
لقد كانت الممارسة الكشفية التقليدية تهتم فقط بإخضاع الكشافة لممارسة أنشطة كشفية نمطية بدون هدف مشكلة غاية في حد ذاتها و ليست وسيلة لتنمية القدرات الذاتية للكشافة. أما الممارسة الكشفية الهادفة – منذ نشأة الحركة- و هي تركز على تطور الطفل و نمو شخصيته و إ شراكه في اختيار الأنشطة التي تلائم احتياجاته و تطلعاته . كما أنها تركز على قدرته على التعبير والإفصاح وقدرته على البحث والابتكار.و لتحديد البعد البيداغوجي للعلاقة التربوية التي تنشأ بين القائد و الطفل خلال عملية تربوية كشفية في إطار ممارسة كشفية تقليدية كانت أو هادفة ، يمكن أن ننطلق من ثلاث عناصر أساسية تتفاعل فيما بينها في إطار العملية التربوية الكشفية و هي :
-المتعلم : طفل أو شاب له خصوصيات محددة ومستوى معين من النمو حسب المرحلة السنية التي ينتمي إليها.
-القائد : له أيضا خصوصياته و مستوى محدد من التطور و التكوين وثقافة مختلفة عن ثقافة المتعلم .
-المحيط : الذي يتم فيه الفعل التربوي الكشفي
انطلاقا من هذه العناصر فإن التعريف البيداغوجي لهذه العلاقة يركز على مبدأ التفاعلات بين المتعلم والقائد والمحيط ،و إذا قمنا بتحليل هذا التفاعل فانه يقودنا إلى تحديد ثلاث نماذج للممارسة الكشفية ، يمكن أن نركز عليها في تحليل العلاقة البيداغوجية التي تشكل إحدى مكونات العلاقة التربوية كما أشرنا من قبل . و يشمل كل منها عددًا من الطرق التربوية المختلفة :
* الممارسة الكشفية المتمركزة حول القائد : هو نموذج يقوم على دور القائد في الفعل التربوي الكشفي فهو بكفاءته ومهارته و تجاربه و معارفه،الفاعل الأساسي في هذا الفعل التربوي ، فنجاح هذا الفعل رهين بتوفر هذه الشروط.
* الممارسة الكشفية المتمركزة حول الطفل الممارس للكشفية : يقوم هذا النموذج على فعالية الطفل في الفعل التربوي الكشفي،فهو يأخذ بعين الاعتبار كل مكونات شخصية الطفل الإيجابية وقدراته الجسدية ،العقلية ، الروحية ، الاجتماعية ، و الوجدانية .
* الممارسة الكشفية المتمركزة حول الأنشطة: هو نموذج يقوم على أهمية الأنشطة ، فلا مواصفات القائد ولا خصائص الطفل تعتبر فعالة في الفعل التربوي الكشفي بل إن طريقة تنظيم الأنشطة و نوعيتها هي أساس التعلم.
و بما أن موضوع بحثنا يتناول العلاقة بين القائد و الأطفال الممارسين للكشفية ،فإننا سنقتصر فقط في تحليلنا على النموذجين الأولين:
-مميزات الممارسة المتمركزة حول القائد :
يتميز هذا النموذج من الممارسة الكشفية باستعمال الطريقة الدوغمائية « méthode dogmatique » حيث يقوم القائد على اختيار و وضع برنامج الأنشطة و محتوياته من أجل تلقين معارف كشفية ، باعتباره مالك لهذه المعارف،بينما الطفل باعتباره جاهل لها فهو ينفد محتوى البرنامج. وهذا يعني أن الاهتمام يكون بالدرجة الأولى بتنمية قدرة الطفل على تحصيل المعارف الكشفية و تقليد القائد فيما ينجزه لأنه هو المقياس لصحة هذه المعارف ، مما نتج عنه إهمال القدرات العقلية للطفل وبالتالي تهميش ذكائه و الحد من إمكاناته الذاتية على إبداع مواقف تعبر عن خصوصيات شخصيته .
و في هذا النموذج يمتاز القائد بثلاث وظائف هي:
الإنتاج : فهو الذي يخطط للأنشطة الكشفية و يحدد فترات إنجازها على شكل تقطعات، وهو المسؤول عن انجاز برنامج الأنشطة بدون إشراك الكشافة و استشارتهم .
التسيير : حيث أن القائد يتكلف بمهمة تسيير الوحدة الكشفية و تنظيمها، إذ هذا التنظيم يخدم بالأساس دور القائد دون الكشافة .
الضبط : إنه يراقب الكشافة، و قد يعاقبهم، عقابا ماديا أو معنويا، يشجع أحدهم وينبه الآخر بالانضباط ، و أحيانا إقصاء آخرين ، إنه في نهاية الأمر هو صاحب المبادرة وصاحب السلطة.
تحليل هذا النموذج:
إن هذا النموذج يقوم على اعتقاد أن المعرفة بالكشفية ذات وجود قبلي، وهي سر يجب تبليغه من عارف إلى جاهل ،وبهذا تصبح هذه المعرفة أداة للقوة والسيطرة ،هذا ما يسمى بالدوغمائية « Dogmatisme ».وكذلك إن هذا النموذج ينبني على تصور سلبي للطفل حيث أنه لا يمتلك قدرات على بناء المعرفة الكشفية و استكشاف أسرارها ، فهو دائما بحاجة إلى القائد كوسيط بينه وبين المعرفة الكشفية.
ويمكن تلخيص هذا النموذج كالتالي :
- من الجانب المعرفي البنائي فهو يؤدي إلى الدوغمائية .
- من الجانب الوجداني العلائقي فهو يتميز بسلطوية القائد/ المربي
– مميزات الممارسة الكشفية المتمركزة حول الطفل:
إن هذا النموذج يقوم على طرح المشكل من طرف القائد من خلال وضعيات مناسبة و باستعمال مجموعة من عناصر الطريقة الكشفية بغية تحفيز الكشافة لإيجاد حل أو حلول للمشكل بتعبئة و إدماج معارفهم المرتبطة بالكشفية أو بخارج الكشفية مما يمكنهم من تنميتها و تطويرها و اكتشاف معارف جديدة ، مما يتيح للكشافة توظيف مختلف قدراتهم من اجل الفضول و الابتكار و الإبداع .
– تحليل هذا النموذج:
إن هذا النموذج يقوم على أساس التفاعل بين القائد و الكشافة من خلال إتاحة الفرصة للكشافة للتعبير والاكتشاف و المبادرة دون الاعتماد على القائد.
إن الحوار الساخن بين الكشافة خلال إنجاز أنشطتهم يعتبر في الممارسة المتمركزة حول القائد شغبًا يجب العقاب عليه. لكن في هذا النموذج يمثل جملة من المظاهر هي:
- vردود فعل فعالة و إيجابية بين الأطفال.
- vتفاعل حقيقي وتبادل للخبرات والتجارب.
- vتواصل شامل و حقيقي بين الأطفال بينهم وبين القائد من أجل تحقيق هدف مشترك.
- vعدم الشعور بالفشل وانعدام الإحساس بصعوبة المهمة المنوطة بهم، من هنا يتخلل المجموعة ( الوحدة الكشفية ) شعور بالنجاح والاعتزاز بالذات والارتياح.
يتبـــــــــــــــــــــــــــع
إلى اللقاء في الجزء الثالث، موضوعه إن شاء الله البعد التواصلي للعلاقة التربوية
إنجاز: شهيد الفضيل