عروض و بحوث

الإطار الرمزي

 

الرمز شيء شائع مألوف يمثل شيئاً آخر أكثر عمقا (كفكرة أو مفهوم). إن الشعار الكشفي مثلاً رمزي بطبيعته، كما أن العقدة الأفقية للحبل المجدول ترمز إلى وحدة الحركة…يستتخدم الرموز عادة في المساعدة على نشر المفاهيم من خلال الدعوة للتفكير فيما وراء المعنى الظاهر للأشياء والتي تعد مألوفة لديهم بالفعل.والرموز تنقل من خلال الميل إلى الخيال.

وفي الكشفية.. الإطار الرمزي هو مجموع من العناصر التي تمثل المفاهيم والتي تعمل الكشفية على تطويرها وتنميتها.

وحتى يتم تلبية احتياجات الشباب من مختلف الأعمار فقد صار لكل مرحلة سنية إطار رمزي يتم التعبير عنه كفكرة رمزية مركزية (مستلهمة من قصص الأطفال الخيالية أو الأساطير أو قصص الأبطال أو فترة من فترات التاريخ ..الخ، أو تكون مبتكرة وهي الخيال)، وتشمل أسلوباً للحياة يعكس الكفاءة الشخصية وكذا أسلوباً للحياة الجماعية تعمل الكشفية على تنميته، كما تؤكد على الاحتياجات التربوية الرئيسية التي يتضمنها المقترح التربوي والتي تتسم بها مجموعة سنية ما. ومن أمثلة هذه الاحتياجات: تعليم كيفية الحياة مع الآخرين بالنسبة للمجموعة السنية الصغيرة، المغامرة بالنسبة للمجموعة السنية التالية ثم استكشاف آفاق جديدة والمشاركة في تنمية المجتمع والقضايا البيئية للمجموعة التي تليها..الخ.

ما المقصود من الإطار الرمزي؟

هو إطار رمزي يقوم على القدرة الطبيعية على التخيل والمغامرة والإبداع والابتكار بأسلوب يتصف بالآتي:

– تشجيعهم على تنمية قدراتهم الذهنية والجسدية في المجالات المختلفة.

– مساعدتهم على التعرف على اتجاهات التنمية والقيم التي تؤكد عليها الكشفية.

– تشجيع تنمية الإحساس بالهوية الشخصية.

– تشجيع التضامن والتماسك في إطار المجموعة.

كيف يعمل؟

عند النمو فإن أسلوب إدراك طبيعة الأشياء يتغير من كونه يعتمد على استخدام الخيال “التفكير السحري” الذي تتسم به مرحلةالطفولة على نوع آخر يعتمد على استخدام العقل والخبرات الشخصية والتفكير المنطقي المراحل.

وغالباً ما يضع الأطفال أنفسهم في عالم الخيال وذلك لكي يفسحوا من حدود عالم الواقع الذي يعيشون فيه ويستكشفون ويواجهون الصعاب والتي من خلال تغلبهم عليها يمكنهم الدخول في مرحلة جديدة من مراحل التنمية. إن أنواع المواقف التي تطرح والأدوار التي يوجدها الشباب لأنفسهم تتغير كمراحل جديدة للتنمية حيث يتم بلوغها ومن ثم تبرز على السطح مشكلات ومصاعب يتعين مواجهتها والتغلب عليها.

إن الحد الذي يلجأ معه الشباب للخيال يتناقص تدريجياً مع نمو شعورهم بالهوية الذاتية كما تتزايد أيضاً ثقتهم في أنفسهم وقدرتهم على التعامل مع مختلف المواقف والسيطرة على مشاعرهم. إن الغرض من الإطار الرمزي ليس مجرد إبقاء الشباب داخل عالم زائف من المظاهر الخادعة، إنه فقط أمر يتعلق باستغلال هذه الأداة الطبيعية بأسلوب يعاونهم على تحقيق الفائدة في حياتهم العملية، والتغلب على المصاعب التي تواجههم والتقدم إلى مراحل جديدة من مراحل التنمية. وعلى ذلك فإن الإطار الرمزي يجب أن يتوسع تدريجياً كلما نما الشباب من عالم الخيال والزيف إلى آفاق أكثر واقعية ممتزجة بقدر من الخيال.

ويمكن للإطار الرمزي أن يساهم ي تنمية الشباب بالعديد من السبل، فمن منظور التنمية العقلية يمكن باستخدام الرموز والتخيل مساعدة الشباب على استيعاب الأفكار والمفاهيم المجردة فضلاً عن ذلك تعطي المدرسة والأسرة للطفل منذ انضمامه للصفوف الأولى في الدراسة أهمية خاصة في استثارة الملكات المرتبطة عادة بالنصف الأيسر من المخ ( القدرة على التخيل والتفكير، طرح الأفكار بأسلوب منظم وممنهج..الخ) وذلك على حساب النصف الأيمن والمتعلق بالإبداع والابتكار، فعن طريق تنشيط الخيال ، يمكن للإطار الرمزي أن يساعد في إحياء الجانب الإبداعي والابتكار عند النشء. إن التفكير مثلاً في كيفية عبور جدول من الماء اعترض طريقنا فجأة أثناء السير في الغابات يحمل فرص أكثر من النجاح حينما يتمكن الفرد من تحليل الموقف الراهن وفي الوقت نفسه يتخيل ما يمكن أن يفعله المستكشف الحقيقي حينما يوضع في هذا الموقف.

ومن منظور التنمية العاطفية، يتيح الإطار الرمزي للشباب فرص بناءة وايجابية في الشعور بالبطولة والفروسية والشجاعة..الخ، وكل ذلك يعد وسيلة لتنمية الاعتداد بالنفس كما يعد متنفساً لبعض المشكلات العاطفية التي تصاحب النمو مثل الشعور بالإحباط من الاعتماد على الغير في الطفولة أو الشعور بعدم الكفاءة. إن ذلك ليس هروباً من الواقع بل هو أسلوب لتنمية المصادر والقدرات الداخلية اللازمة للتعامل مع هذا الواقع، حتى ونحن كبار فإننا لا نفقد مثل هذه القدرة لكننا نميل إلى إنكارها بحجة أنها “طفولية”، ولا يزال هناك فرع في الطب النفسي يعمل على مساعدة الكبار في استرداد القدرة الطبيعية الداخلية للانطلاق والتي يمكنها التغلب على المشكلات اللاشعورية.

ومن الواضح أن محاولة محاكاة السمات الشخصية وطريقة الحياة الجماعية التي يتضمنها الإطار الرمزي يمكنها أيضاً أن تكون ذا تأثير على التنمية البدنية والاجتماعية والروحية.

إن الرغبة في التشبه بالشخصية التي يحملها الإطار الرمزي مع تنمية الاعتداد بالذات كنتيجة لذلك يمكن أن يدفع الشاب للتغلب على الإعاقة الجسدية أو العناية الأفضل بالصحة على سبيل المثال، كما يمكن للإطار الرمزي أيضاً أن يساهم في التنمية الاجتماعية وذلك عندما يتعرف كافة الشباب على الأسلوب الأمثل للصحبة في الحياة كتراث للإطار الرمزي والذي يؤكد على عناصر المسؤولية والعناية بالآخرين ..الخ.

وأخيراً يمكن للإطار الرمزي أن يفتح الآفاق للتنمية الروحية ذلك لأنها تعتمد على القيم المتوارثة في المبادئ الكشفية، وعلى ذلك فإنه يمكن تشجيع الشباب على استكشاف واختبار أنفسهم وعلاقتهم وحياتهم بصورة عامة في عالم ما وراء الماديات والحياة العملية اليومية مغيرين بذلك، ولوقت ما، الأشياء غير المنظورة إلى ما قد تصير معه من المحسوسات التلقائية.

ما هي الاعتبارات التي يجب مراعاتها لتطبيق الإطار الرمزي عند وضع البرنامج؟

إن الجمعية الكشفية سواء كانت بصدد إعداد أطر رمزية للمرة الأولى في تاريخها أو كانت من الجمعيات العريقة وتقوم بدراسة الصلة التربوية لإطار واحد أو أكثر من الأطر الرمزية عند مراجعة أي برنامج، فإن هذا العمل يجب أن يتجنب اختيار إحدى قصص الأطفال أو فترة من فترات التاريخ الغابرة مع إضفاء أسماء رمزية على أمكان اللقاءات أو الفرق أو الأنشطة. كما يجب أن يتعدى أيضاً مجرد استبدال “كتاب الأدغال” بـ “حرب الكواكب” وذلك على أمل تحديث برنامج الشباب.

وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي يجب وضعها في الاعتبار:

1/ التأكيد على الضرورة التربوية:

بينما يمكن للإطار الرمزي أن يسهم في إحداث التنمية في كافة المجالات، نجد أن التركيز على الضرورة التربوية الملحة للشباب في سن معينة من شأنها أن تساعد على توثيق الصلة بمختلف المجموعات السنية، ومن ثم تحقيق الفائدة التربوية المرجوة. وبينما تختلف هذه الضرورة التربوية طبقاُ لاختلاف المجتمعات والثقافات، فإننا نسوق هنا بعض الأمثلة لتلك الضرورات التي تعد سمة رئيسية في مجموعات سنية بعينها:

-الطفولة المتوسطة حتى المتأخرة (سن التكيف الاجتماعي):

الطفولة المتوسطة هي السن التي يبدأ عندها الطفل في القدرة على التفكير السليم المنطقي ومن ثم ينضم للمدرسة، ونتيجة لذلك فإنه يبدأ في قضاء وقت أطول مع الأطفال الآخرين من نفس سنه خارج محيط الأسرة. وفي هذا الوقت يقوم الطفل بتجربة وضع قواعد (غالباً ما تتغير) للعبة وتفاعله مع أقرانه بصورة عامة، ومن خلال عملية المحاولة والخطأ يعد الأطفال إن عاجلاً أو آجلاً نظاماً للحقوق والواجبات لأعضاء المجموعة إذ يمكن سماع عبارة “ليس هذا عدلاً، إنه دوري أنا” دائماً في جميع أنحاء العالم.

ومن خلال هذه العملية يبدأ الأطفال في التغلب على الأنانية الطبيعية في عالم الطفولة وفهم فائدة التعاون والمشاركة وتنظيم أنفسهم كمجموعة.

إن استخدام الإيهام غالباً ما يمثل ارتداداً لألعابهم كما أن نسج خيوط الخيال يعطي أهدافاً للألعاب والشعور بالهدف المشترك بين “الشركاء”. إن كثيراً من الأولاد يقحمون أنفسهم، بصورة فردية، في مواقف الإيهام في هذا الوقت وذلك لمواءمة الصعوبات والعواطف المنزلية من ناحية والتكيف مع ذلك الوضع الاجتماعي مع الأقران من ناحية أخرى.

“يركز الإطار الرمزي لهذه المجموعة السنية بصفة عامة على هذه العملية من التكيف الاجتماعي مع تيسير سبل الاندماج والشعور بالانتماء للمجموعة وجعل قانون السلوكيات مفهوماً للجميع.

– الطفولة المتأخرة .. المراهقة المبكرة (سن الانفتاح على الحياة):

تعتبر هذه المرحلة بالنسبة للكثير من الشباب في هذه السن بداية البلوغ، فبينما يصير التطلع للدخول في مرحلة الرجولة وترك عالم الصغار شيئاً مثيراً إلا أن التغيرات الكثيرة التي تحدث تبدو مقلقة ولا تبعث على الارتياح. إن النمو المفاجئ للأطراف أو الجسم قد يسبب عقبات ومشكلات مؤقتة في الشكل والتناسق، بل قد يبدو وجه المراهق أحياناً غير مألوف. وعلى الصعيد العاطفي يتعين على الوالدين والأبناء التعود على الوضع الجديد في أن مرحلة الطفولة قد انتهت بيد أن أجنحة الكبار لم تنمو بعد، ويصحب ذلك شعور بالنقص والإحباط وانعدام الثقة بالنفس على الرغم من محاولات المراهق مواراتها عن أقرانه خوفاً من السخرية.

إن كثيراً من الشباب يشعرون في هذا الوقت بأهمية إثبات كافة أشكال الأشياء لأنفسهم، كما تصبح تنمية المهارات الخاصة بالبقاء وكذلك المهارات العملية الأخرى المتصلة بمناحي الحياة اليومية ذات أهمية خاصة للمراهقين ليثبتوا لأنفسهم وللآخرين قدرتهم النامية على تحقيق الاستقلالية وحكم الذات بيد أن الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين يبدأ في النمو في هذه الفترة.

إن المواقف والأدوار المبتكرة في هذه الفترة غالباً ما تضفي الكثير من البراعة الجسمانية والجاذبية والبطولة والإقدام.

“يتطلب الإطار الرمزي لهذه المرحلة السنية قدراً أكبر من الواقعية مع التركيز على التعايش الشخصي والجماعي والمعايشة والقدرة على التصرف”.

– المراهقة الوسطى (سن المشاعر القوية):

بوصول الشاب إلى فترة المراهقة الوسطى، فإنه غالباً ما يبحث عن الفرص المتاحة للمشاعر والأحاسيس الجياشة. إن الشك الداخلي ومحبة الصداقة ويقظة الوازع الديني والقيم العامة والاهتمام بالقضايا العالمية وما شابه ذلك تعد من السمات المميزة لهذه المرحلة السنية مع ما يكتنفها من الرغبة في الأحاسيس الطبيعية القوية والمرتبطة غالباً بالسلوك المائل للمخاطرة.

إن كثيراً من الشباب يشعر في هذه الفترة أن الكبار لا يأخذونهم مأخذ الجد وهم يلتمسون الفرص لإثبات قدرتهم على أداء ادوار هامة في المجتمع ومسؤوليات حقيقية أو شعورهم برغبة قوية في اتساع آفاقهم والالتقاء بأناس جدد ومشاهدة أماكن جديدة، ذلك بينما يقبع الآخرون في مرحلة اللامبالاة الواضحة، وفي الوقت نفسه فإن الرغبة في المشاعر الجسدية القوية أو اختبار قدراتهم أو الهروب من المشكلات، تجتذب الكثير منهم إلى الأنشطة التي تتصف بالمخاطر العالية.

ويمكن للعلاقات القائمة بين الأفراد داخل المجموعة أن تصبح على قدر كبير من الأهمية سواء كانت علاقات صداقة حميمة أو نزاعات ومناوشات بين الأفراد على السواء، وتشمل المواقف والأدوار الملائمة لهذه الفترة(بعيداً عن الرومانسية) كسب احترام الكبار، إنجاز مهام من أي نوع، قدرة الشباب على تنظيم أنفسهم بكفاءة كالكبار، إنجاز مهام استكشاف آفاق جديدة وتجارب مثيرة.

“واستجابة لأهمية وضع أدوار أكثر نضجاً، تدور الأطر الرمزية لهذه المرحلة السنية غالباً حول أنماط من الشخصيات مثار الإعجاب في التاريخ والمستكشفين من ذوي المغامرات الشهيرة والأفراد الذين حققوا نجاحاً بارزاً وكذلك من ساهموا بصورة جذرية في رفعة ورقي مجتمعاتهم ..الخ”.

– من المراهقة الوسطى حتى المتأخرة (سن الانطلاق):

يستمر الشعور بالكثير من الاهتمام الاجتماعي الذي بدأ مع الشاب من ذي قبل باستثناء أن ذلك أيضا هو السن التي يجوب فيها الكثير من الشباب بقاع الأرض، إذ تواكب الرغبة في الاستقلال الكامل عن الأهل والأبوين، الشعور بالخوف من هذا الاستقلال.. وتتسم هذه المرحلة بالقلق على المستقبل الدراسي واختيار مهنة المستقبل والحصول على وظيفة والخوف من الوحدة في هذا العالم الواسع مع مشاعر أخرى من التفاؤل والسعادة والأزمات العاطفية، وعلى الرغم من أن الكثير من الشباب قد يترك الكشفية في هذه الفترة، إلا أن البعض لم يزل يقدر فكرة إقامة مشروعات جماعية، تنظيم رحلات استكشافية، الاطلاع على أساليب معيشية جديدة فرص وظيفية ممكنة، التعرف على أنماط مختلفة من البشر، المساعدة في مشروعات تنمية المجتمع حبذا لو كانت بعيداً عن المنزل قدر المستطاع.

وإذا كان السفر للتجوال والاستكشاف يمثل عقبة مادية فإن الكثير من البلدان تتيح لشبابها العديد من الفرص للتجوال والاستكشاف.

تركز الأطر الرمزية لهذه المرحلة السنية بصفة عامة على الرحلات الاستكشافية والاستكشاف الذاتي مع وقفات لمنح يد المساعدة والتعرف على الآخرين على طول الطريق.

2/ وضع إطار العمل:

قبل البدء ي التفكير في الخطوط الرئيسية للعمل ينبغي طرح سؤال وهو: ما الأفكار والمناهج التربوية التي يتعين التأكيد عليها من خلال استخدام الرمز؟ والإجابة على هذا السؤال تتطلب: بحث المقترح التربوي للمرحلة السنية، القيم الأساسية للكشفية، احتياجات الشباب في المراحل السنية المختلة، وهلم جرا، وكذلك بحث كيفية ترميز هذه المفاهيم التربوية في التنظيم القائم وتطبيق الطريقة الكشفية، وبمعنى آخر ما الذي سيقوم الشباب بأدائه فعلاً لاكتساب الخبرات والمعارف؟

والسؤال التالي يتعلق بمعرفة ما إذا كانت المفاهيم التربوية المذكورة باختصار، مترابطة ومتصلة ببعضها البعض ككل أم أن بعضها سطحي وخارجي يمكن حذفه. إن المقصود بالرمزية هو إثراء الخبرات الكشفية والإضافة إليه وليس تجريدها والإقلال من قيمتها.

3/ بحث الأفكار المحتملة أو القائمة:

بالإضافة إلى بحث الأطر الرمزية من منظور الانتقال التدريجي من الإيهام إلى الواقع والتركيز على نظرة تربوية معينة، هناك عدة اعتبارات يجب وضعها في الحسبان، ومن أهمها:

– التقاط الفكرة من التراث الثقافي للشباب، أو فكرة الثقافة غير المحددة:

يمكن للفكرة المستوحاة من التراث الثقافي للفرد (أبطال الأساطير والتاريخ..الخ) أن تقوي من الشعور بالانتماء للتراث الثقافي للشباب، ويعد هذا من الاعتبارات الهامة ي انتقاء أفكار الشباب الذي يعاني من ضحالة الهوية الثقافية الناتجة عن أسباب سياسية اجتماعية عديدة أو لعله يمثل اختياراً تلقائياً في المجتمعات المتمتعة بخلفية سياسية متجانسة نسبياً، وقد يكون الاختيار مختلفاً.

 ومن ناحية أخرى بالنسبة للجمعيات الكشفية التي تخدم شباباً من أصول عرقية مختلة، فأي تراث ثقافي يجب وضعه في الاعتبار دون غيره؟ هناك اختيار واحد هو البحث عن الأفكار والمفاهيم المحايدة ثقافياً المستوحاة من الطبيعة أو الخيال على سبيل المثال. وفي جميع الأحوال، يتعين علينا تجنب الأفكار النابعة من “الثقافة الدارجة” نظراً لزوالها السريع وطبيعتها التجارية.

– هل تبدو الفكرة جذابة؟

إن الفترات “المجيدة” في التاريخ الاجتماعي والسياسي بل وحتى في أوقات الرخاء الاقتصادي تؤثر على اختيار الأفكار التي تمثل البطولة والشجاعة والفروسية في أكثر من أمة عبر الزمان. إن الأفكار المرسومة لتستثير الفخر بالشعب والوطن تعد موضع التقدير وبخاصة عند الأمم التي مرت بأوقات وأزمات عصيبة في تاريخها. بيد أن مثل هذا النوع من الأفكار يجب تناوله بعناية والخوض فيه بحذر، إذ ينبغي علينا أن نتجنب الأفكار التي تعمل على إثارة النزعات القومية والتوترات العرقية والصراعات الإقليمية ..الخ، أو ينجم عنه مثل تلك الاتجاهات.

وفي واقع الأمر، إن الاعتبارات الرئيسية في إيجاد أفكار تجذب الشباب مماثلة تماماً لاعتبارات البحث عن أفكار للصلة التربوية: هل تقدم لنا الفكرة التناغم السليم بين الإيهام والواقع والذي يتناسب مع المرحلة السنية؟ (فمثلاً لا يمكن للكثير من الشباب في سن الـ 16 أن يتأثروا بشخصيات مستمدة من خرافات عالم الأطفال)، هل تبدو السمات الغالبة في الفكرة على درجة من النضج بالنسبة للشباب الموجهة إليهم؟ ( ستبدو الفكرة أكثر جاذبية إذا ما اتفقت مع احتياجات مرحلة النمو التي يوشك الشباب أن يلتحق بها).

– هل تتواصل الفكرة مع المقترح التربوي للكشفية؟

أياً كان الإطار الرمزي الذي تم اختياره، فإن أسلوب الحياة يجب أن يدعم أهداف ومبادئ وطريقة الكشفية ولا يتعارض معها. فالإطار الرمزي الذي يحوي ولو قدراً ضئيلاً من التمييز بين الآخرين أو أي شكل من أشكال الاعتداء على الطبيعة والبيئة، لا يتمشى، على سبيل المثال، مع دعم السلام والتفاهم بين البشر أو احترام مبدأ تكامل البيئة الطبيعية في العالم ولو حتى من قبيل الإيهام.

4/ تضمين معظم الإطار الرمزي في برامج الشباب:

إن الإطار الرمزي هو أكثر من مجرد إضفاء “لون” على برنامج الشباب، على الرغم من أنه يقوم بذلك بالفعل، إنه يشبه بصورة أو بأخرى خيطاً ملوناً يتم نسجه في داخل برنامج الشباب، وكذلك فإن الأسماء الرمزية بالطبع تستخدم للإشارة لأماكن اللقاءات والفرق وأفكار وموضوعات المخيمات وهلم جرا، ولكنها أيضاً أكبر من مجرد ذلك. فكيف يعكس الهيكل التنظيمي للوحدة الكشفية، على سبيل المثال، الإطار الرمزي والاحتياج التربوي المستهدف تلبيته؟ فمثلاً إذا ركز الإطار الرمزي على المشاركة الفعالة في المجتمع، هل يتوفر لدى كل شاب الفرصة للمشاركة في اتخاذ القرار وتحمل المسؤوليات؟

وإذا كان شعار المخيم يقوم أساساً على التعايش والقدرة على التصرف، هل يعد ذلك متناقضاً مع فكرة تجميع الفرق لجذوع الأشجار المقطعة والمعدة من قبل لتستخدم كموائد خلاء؟

إن القيام ببحث ومراجعة الأفكار المستخدمة حالياً في الأطر الرمزية لإحدى الجمعيات قد يوضح أن هذه الأفكار في حد ذاتها صائبة وصالحة ولكن هل نقوم باستغلالها الاستغلال الأمثل؟

ما هي الاعتبارات التي يجب مراعاتها لتطبيق الإطار الرمزي عند تقديم البرنامج؟

يتعين على القائد الراشد فهم ما هو الإطار الرمزي، وما هو القصد من تنفيذه بصفة عامة، وعلى وجه التحديد التعرف الجيد على الإطار الرمزي للمجموعة السنية التي يعمل معها وكذلك الاحتياجات الخاصة التي يهدف الإطار إلى تلبيتها والاستجابة لها.

يجب أن ينعكس الإطار الرمزي في الكتيبات والأدوات الأخرى المكتوبة خصيصاً لاستخدامها بواسطة الشباب أنفسهم، إن الفكرة الرمزية قد تنعكس عادة كفكرة عامة مسيطرة ومتكررة لتعطي “لوناً” للموضوع الذي يتم تناوله (الإعداد لمخيم، شرح التقدم الشخصي أو ما شابه)، كما تنعكس على القصص والنوادر والصور المرتبطة بالفكرة. إن الاستخدام السائد لأحد الألوان (أحمر، أزرق، …الخ) قد يساعد على ترميز شعار المرحلة السنية، كما يعمل باستخدامه على تدعيم الهوية الخاصة بكل مرحلة، ومن الضروري التأكد من سياق الفكرة بأسلوب مثير ولكن في الوقت ذاته واع بحيث يساعد الشباب على الإحساس بأنهم حقاُ مستكشفون ورواد”.

ما هي الاعتبارات التي يجب مراعاتها لتطبيق الإطار الرمزي عند تنفيذ البرامج؟

هناك ألف طريقة وطريقة لجعل الإطار الرمزي صورة حية في المجموعة، يجب على القائد الراشد أن يشعر بالارتياح تجاه استخدام الرمز حتى تأتي الفكرة كجزء طبيعي من ماهية الحركة الكشفية لهذه المرحلة السنية، كما يعد أيضاً من الضروري أن يسوق القائد الراشد الفكرة بحيث تبدو واقعية وواعية من وجهة نظر الشباب، فهم في حاجة إلى الشعور بأنهم حقيقة مستكشفون أو كشافون، وإذا لم تلبى تلك الحاجة فإننا سوف نقضي على سحر وجاذبية العملية كلها، مما يصعب من تحقيق الهدف.

إن القائد، في بعض الأوقات، في حاجة إلى اتخاذ مبادرات واختلاق اتصالات أثناء العمل، على سبيل المثال، أسلوب تنفيذ أحد الأنشطة أو شعار مخيم لخدمة المجتمع.. الخ. وشيئاً فشيئاً سوف يطلق الشباب العنان لأفكارهم الخاصة، على سبيل المثال اختيار أسماء الجماعات الصغيرة وكيفية جعل مقر اجتماعاتهم يبدو كأنه قاعدة أو مخيم للمستكشفين أو عرين للكشافين أو مكتب لإحدى فرق العمليات الخاصة.

إن استخدام فكرة موضوعية خاصة لأي مرحلة سنية لا يحول دون استخدام أفكار أخرى أثناء العام لمشروع  أو نشاط معين، كمخيم أو أي شيء آخر، لإضفاء نوع من الإثارة أو إضافة منظور تربوي تعليمي جديد، وسيستوجب ذلك التفكير في الأهداف التربوية للنشاط وما سوف يؤديه الشباب بالفعل، وما الذي يمكن القيام به حتى تصبح الفكرة الرمزية واقعاً حياً، سواء كان ديكور أو ملابس أو أنشطة خاصة، بل حتى ماذا وأين وكيف سيطهون طعام العشاء، كل ذلك يمكن أن يمثل إضافة قيمة للخبرات.

يتعين أيضاً على القائد الراشد أن يتأكد من أن الطريقة التي تدار بها المجموعة، بما في ذلك علاقته بالشباب، لا تتعارض مع الضرورة والحاجة التربوية والتي تهدف الفكرة الرمزية إلى تلبيتها.

youssefيوسف صقلي

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock