مقالات

الأسلوب التربوي

  إن الكشفية كحركة تربوية للفتية و الشباب تهدف المساهمة في تنمية كامل طاقاتهم كأفراد مستقلين متعاونين مسؤولين و ملتزمين داخل مجتمعـاتهم، و هي حركة تشمل كافة الركائز الأربع للتربية و هي التعلم للمعرفة، التعلم للأداء ، التعلم للتفاعل مع الآخرين ، ثم التعلم لتكوين فرد متكامل.من جهة أخرى تعتبر التربية الكشفية أحد أشكال التربية غير الرسمية حيث تمارس نشاطها خارج نظام التعليم الرسمي و بذلك تعد مؤسسة تنظيمية تتمسك بهدف تربوي موجه لفئة معينة من المتلقين، و تتميز بأسلوب تربوي كشفي يتسم بالخصائص التالية:

  تبني الأسلوب الشامل لتربية الفتية و الشباب:

تنظر الكشفية إلى كل شاب بمنظور الفرد الذي يتصف بالآتي:

– بأنه كائن مركب، مكتمل الهوية، فمن ناحية أنه يخضع لتفاعلات و علاقات بين العناصر المختلفة لمقومات الشخصية ( البدنية و العقلية و الروحية و الاجتماعية و العاطفية) و من ناحية أخرى بين الفرد و العالم  الخارجي ، ثم أخيرا بين الفرد و الوازع الديني في داخله . و من ثم فان الكشفية تستهدف تنمية الفرد تنمية شاملة بالعمل على تقويم شخصيته بمختلف جوانبها و أبعادها.

–  فالكشفية تدرك أن الجوانب المختلفة للشخصية الإنسانية تتفاعل و تؤثر كل منها في الأخرى و ذات علاقة وثيقة ببعضها البعض.

–  كما تؤمن بأن تنمية الفرد تنمية شاملة لا تحدث إلا من خلال اكتساب المزيد من الخبرات و التجارب التي يجب أن تتم في مرحلة زمنية معينة.

– التميز: فكل شخص له شخصيته المتميزة ذات المواصفات الخاصة به من حيث الحاجات و القدرات و النمو الشخصي.-

–  فالكشفية تدرك أن تنمية قدرات كل شاب و شابة يجب أن تتم وفقا لاستعدادها الخاص في ظل امتداد النمو في جوانب معينة و انكماشه في نقاط أخرى، و على ذلك فان الكشفية تسعى إلى تلبية الاحتياجات التربوية لكل شاب و شابة في الوقت الذي تستمر فيه في دفع التنمية في مختلف جوانبها.

–  كما تقر الكشفية بأن الطاقات الكامنة لدى كل شاب و شابة تختلف باختلاف المراحل السنية و من تم فإنها تعمل على معاونتها حتى يمكن تنمية قدرتها بذاتها إلى أن تصل إلى أقصى كفاءة ممكنة لها بأنه جزء مكمل للعالم الذي يعيش فيه.

–  فالكشفية تبعا لذلك تهدف إلى التنمية الشاملة للفرد كجوهر و كيان فريد و الذي يعد أيضا جزءا لا يتجزأ من العالم الذي يعيش فيه.

–  فهي تسعى إلى معاونة الشاب و الشابة حتى يدرك أنه بذاته جزء من كل. حتى و إن كان هذا الجزء صغيرا، و ذلك من أجل تنمية الشعور بالانتماء ليساهم في إعطاء معنى للحياة و يتطلب ذلك توفير الفرص المتاحة للشباب للتفاعل و المساهمة الجادة في هذا العالم الذي يعيشون فيه ( الأسرة و المجتمع المحلي و الوطني و الدولي، التراث الثقافي و الحضاري، و كذلك البيئة الطبيعية).

مخطط تربوي كشفي متميز:

تعمل الكشفية جادة على تحقيق هدفها التربوي الذي سبق الحديث عنه ألا و هو المساهمة في تنمية طاقات الشباب لأقصى حدودها و على أساس عدد من القيم و المثل ، و المبادئ و بما يتفق مع الطريقة التربوية واضحة المعالم و هي الطريقة الكشفية، فالكشفية بذلك تقدم بدورها مخططا تربويا متميزا و هذا المخطط التربوي:

–    ليس وعاء خاويا يجوز لأي فرد ملؤه بما يهواه طبقا لمعتقداته و رغباته، فالمخطط التربوي لا يمكن قبوله جزئيا أو رفضه جزئيا، إذ بمجرد قبوله ككل يصير ملزما و بالطبع فانه يتسع مع الوقت و لكنه لا يخضع لأهواء الأفراد

–   و هو لا يستهدف جعل الشاب خاضعا لنموذج سابق الإعداد من المثل، إذ أن الشباب مطالب ببذل قصارى جهده في تنمية كافة مقومات شخصيته الفريدة إلى أقصى درجة.

–     و الكشفية تكون قد حققت نجاحا تاما حينما يترك العضو الحركة و لديه اتجاه ايجابي     و فكر بناء عند انخراطه في حياة الكبار كما يتسلح بالمقدرة على القيام بذلك بمنهج تحدده الإيجابية و الحكمة و فرض احترامه على الآخرين ، و ذلك مع إدراك أهمية استمراره في النمو   و التطور كي يصبح شخصا مستقلا متعاونا مسؤولا و ملتزما.

القيام بدور مكمل للمؤسسات التربوية الأخرى :

غالبا ما يقال أن الكشفية دور تكميلي تؤديه في النمو الشخصي للفرد فهي كما قلنا سالفا تشكل جانبا من عنصر التربية غير الرسمية، و على ذلك فان مساهمتها تكمل ما يقدمه كل من القطاع الرسمي و القطاع غير الرسمي.

فالكشفية إذن ليست إحدى أدوات التربية الرسمية كالمدرسة و هي : أيضا ليست عنصرا من عناصر التربية العامة كالأسرة و الأصدقاء أو المؤثرات الأخرى و هي بذلك ليست تكرارا  أو بديلا لما يحدث في المدرسة أو المنزل أو أي مؤسسة أخرى لها تأثير في عملية تنمية الشـباب   أو الفتى. فالقائد الكشفي لديه دور مختلف، فهو ليس بديلا للمعلم أو الوالد أو الضابط أو رجل الدين. وعلى هذا يتعين على الكشفية أن تؤدي دورا خاصا و مميزا في تربية النشء كما يجب أن تكون نورا يسطع في رحاب التربية المقدمة للفتيان. فالكشفية ليست رسمية من منظور كونها هيكلية التنظيم تعمل في دأب على تنفيذ مخطط تربوي خاص بها و تبنى طريقة محددة المعالم في وضوح. إن ما يستحوذ على مفتاح دور الكشفية المميز هو بلا أدنى شك طريقتها الفريدة فالطريقة الكشفية و هي طريقة واحدة تضم داخلها عدة عناصر مجتمعة: الوعد و القانون، التعلم بالممارسة، نظام الجماعات الصغيرة، الإطار الرمزي، نظام التقدم الشخصي، حياة الخلاء، دعم الراشدين. فهذه الطريقة هي الأداة التي تستخدمها الحركة لتحقيق أسلوبها الخاص في تربية النشء، و قد اقتبست الكثير من العناصر التربوية الأخرى بعضا من مقومات الطريقة الكشفية، فالبعض منها يستخدم اليوم في المدارس و أندية الشباب و التجمعات الأخرى غير أنه لا يمكن القول أن أيا من هذه التجمعات تستخدم الطريقة الكشفية بشموليتها.

فالطريقة الكشفية لا يمكن تطبيقها بحذافيرها بالمدارس و المساجد أو محيط الأسرة، لأنها لا تطبيق إلا في أوقات الفراغ بين الأصحاب و الرفاق، و بمشاركة الراشدين و في وجود المناخ و المحيط الآمن الذي يمكن للشاب فيه أن يجرب و يتعلم من خبراته، و لذا فانه يشب و ينمو كإنسان فريد أكثر استقلالية و معاونة مسؤولية و التزاما.

إن الكشفية تعنى بالتنمية الشاملة للفرد، و في وجود المناخ و المحيط الآمن الذي يمكن للشاب فيه أن يجرب و يتعلم من خبراته، و لذا فانه يشب و ينمو كانسان فريد أكثر استقلالية  و معاونة مسؤولية و التزاما

ان الكشفية تعنى بالتنمية الشاملة للفرد، و في هذا الإطار فان المثل التي تعمل الحركة على تحقيقها لا تختلف عن مثيلاتها في المدرسة أو الأسرة و اللتين بدوريهما يعنيان بالتنمية الشاملة أيضا للفرد.

و مع ذلك و كما سبق ذكره، فإن الطرق المستخدمة في التربية الرسمية و الأساليب التي يمكن من خلالها أن يتعلم الأفراد بصورة رسمية منتظمة لا شك أنها تمثل مساهمة في تنمية طاقات النشء في كل عنصر من عناصر الشخصية الإنسانية. و بذلك فان الكشفية بمقتضى التطبيق الفعال لطريقتها الفريدة و المتميزة هي قادرة على تقديم نمط مختلف من المساهمة في التنمية البدنية و العقلية و العاطفية و الاجتماعية و الروحية للفتية و الشباب، مقارنة بما تقدمه المـدرســة أو الأسرة    أو جماعات الأصدقاء أو أجهزة الإعلام و المؤسسات الدينية أو أي مؤثر آخر في التربية المقدمة للشباب . فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن الكثير من عناصر التربية في مجال التنمية العقلية تنأى بثقلها على اكتساب المعارف، بينما تركز الكشفية من الاستخدام الفعال لطريقتها على الإبداع و القدرة على التصرف…. الخ.

تقديم مساهمة في تربية الفتية و الشباب:

كحركة تربوية للفتية و الشباب فان الكشفية تستطيع أن تقدم مساهمة تتمثل في:

–  كونها مجرد واحد من مجموعة مؤثرات في حياة الفتية و الشباب.

– و باعتبار أن التربية عملية مستمرة طوال الحياة، فالكشفية تستطيع أن تساعد الفتية و الشباب على تنمية ذواتهم لأقصى درجة خلال وجودهم بالحركة. و من المهم أن نؤكد على الجوانب التالية:

– لكي يكون للكشفية تأثيرها و مساهمتها في حياة الفتية و الشباب، فلا بد أن يقضي بها الفرد مدة كافية خاصة في سنوات المراهقة ، حيث تتاح له الفرصة لتحقيق الأهداف التربوية للكشفية. و العضوية لمدة زمنية في المرحلة السنية الأصغر سوف يكون لها بعض الفوائد و النتائج للفتية و لكن تأثيرها سيكون محدودا للغاية.

إذا كان الأسلوب التربوي للكشفية يسعى إلى معاونة الفتية على أن يكونوا مسؤولين عن نموهم الذاتي ، فهو يسعى لمعاونتهم أيضا على تنمية قدراتهم و إمكاناتهم الذاتية و أن يكونوا نشطين  و بناءين في المجتمع و العالم بعد أن يتركوا الحركة.

 عبد السلام بوغابةboughaba

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock