تقديم:
تعتبر الكشفية الحسنية المغربية أول منظمة كشفية مغربية تأسست ببلادنا.وقد نشأت وترعرعت في ظروف منحتها ميزة خاصة، حيث لعبت دورا طلائعيا في النضال الوطني ضد الاستعمار وتميز دورها كذلك بالتأطير التربوي الصحيح والفعال لفائدة مات الآلاف من الأطفال والشباب ببلادنا عبر حياتها الكشفية الحافلة بالأمجاد.
واستمر نشاط الكشفية الحسنية المغربية بفضل قدرتها على تحدي الصعاب حيث لم تنقطع مكوناتها عن العطاء الوطني والإبداع التربوي إلا في فترة المنع الظالم في عهد الاستعمار.وقد برهن قادة الكشفية الحسنية المغربية طيلة مسيرة المنظمة عن تشبتهم بالتعاون الإيجابي مع مختلف مكونات المجتمع المغربي على أساس دعم العمل التربوي وحرية اتخاذ القرار في تدبير الشأن العام للكشفية الحسنية المغربية وقد كانت للكشفية الحسنية المغربية وقفة بطولية سنة 1969 كان من نتائجها إبعاد الجمعية عن الصراعات الحزبية وحمايتها من الهيمنة السياسية ومنذ ذلك التاريخ والكشفية الحسنية ماضية في تنمية وتطوير برامجها التربوية وتنفيذ خططها الكشفية انطلاقا من مقررات مؤتمراتها الوطنية حيث كان شعار آخر مؤتمر ( نونبر 2000): جميعا من أجل تنمية العالم القروي.
و قد تميزت برامج الجمعية بتفعيل شعار المؤتمر حيث تنوعت المبادرات لصالح العالم القروي بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة وتؤكد الكشفية الحسنية المغربية بذلك على الحضور القوي والفعال في الفضاء التربوي المغربي لصالح الأطفال والشباب وجميع مكونات المجتمع المغربي.
وفيما يلي نستعرض أهم المحطات التاريخية لمسيرة الكشفية الحسنية المغربية.
أهم المحطات التاريخيــة للكشفية الحسنية المغربية
التأسيـس: 9 مارس 1933
بعد عراك طويل مع سلطات الحماية الفرنسية، استطاع الاتحاد الرياضي “الرباط السلاوي” أن ينشل الاعتراف رسميا في 7 اكتوبر 1932.و كان يشرف على النهوض به المجلس الإداري برئاسة السيد أحمد بن غبريط، والذي يتركب من السادة السيتل العيساوي و مسعود الشيكر و عبد الجليل القباج رحمهم الله و بعض الخبراء الرياضيين الأجانب.و عندما انهمك الاتحاد الرياضي في تنظيم فرق لمختلف أنواع الرياضة رأى من الضروري فتح المجال لبعض الشباب المنخرطين في الكشفية الفرنسية، فقرر في جلسة لمجلسه الإداري بتاريخ 9 مارس 1933 تأسيس فرقة للكشافة سرعان ما أنخرط في سلكها جل هؤلاء نذكر من بينهم أحمد الجبلي العيدوني و أحمد بوهلال و محمد بن مسعود طلدانو رحمهم الله.
يوليوز 1933:
و ما كادت تمر شهور على تأسيس فرقة الكشافة حتى أصبحت تنظم المخيمات أهمها تلك الرحلة إلى ايفران في شهر يوليوز 1933 و ما أثارته من قلق السلطات الاستعمارية.
غشت 1933:
و لقد أتيح لرئيس الاتحاد أحمد بن غبريط أن يحظى بالمثول بين يدي صاحب الجلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه عندما زار جلالته المعهد الإسلامي و مسجد باريز بفرنسا في غضون شهر غشت 1933، فاغتنم الفرصة المواتية فطلب من جلالته رحمه الله أن يسمح لفرقة الكشافة باستقباله عند رجوعه إلى المغرب.فما كان من جلالته إلا أن أمر في الحين رئيس تشريفا ته المرحوم قدور بن غبريط بتبليغ الإذن المولوي إلى من يهمهم الأمر كما ينص على ذلك التلغراف.
5 شتنبر 1933:
وكانت العودة إلى أ رض الوطن في 5 سبتمبر 1933. وكانت الصدمة مع السلطات الاستعمارية في باب الرواح بالرباط في نفس اليوم على الساعة الخامسة مساء، حيث منعت كشافينا من تقديم باقة من الزهور إلى ولي العهد آنذاك جلالة الحسن الثاني رحمه الله فطوق رجال الشرطة فرقة الكشافة و حالوا دونها دون أغلى أمانيها و كان النداء يحيى “الملك” . “يحيى ولي العهد” من أعماق الكشافة و آلاف المواطنين من ورائهم عند مرور جلالته ، وكانت تلك الالتفاتة المولوية و كان في الغد بالقصر العامر الوعد من جلالته رحمه الله لرئيس الاتحاد بمحضر الفقيه محمد العمري بالتعويض.
18 نونبر 1933:
و عندما اقترحت –مجلة المغرب – بإيحاء من محمد حصار رحمه الله – وجوب الاحتفال بعيد العرش- كانت فرقة الكشافة أول من طبق الفكرة في 18 نونبر 1933 بمركز الاتحاد الرياضي بزنقة فران الزيتونة عدد 4 بالرباط.
الاعتراف الملكي السامي في 9 رمضان 1352 هـ موافق 26 دجنبر 1933 م:
و ما كادت تمضي بضع أسابيع حتى تقدم رئيس الاتحاد بواسطة عمه رحمه الله إلى الجلالة الشريفة بكتاب يلتمس فيه الإنعام على الفرقة المذكورة بالرئاسة الشرفية لولي العهد المحبوب و تسمية فرقة الكشافة الحسنية تيامنا باسمه الميمون، و كان الجواب بالقبول و الرضى في 9 رمضان المعظم سنة 1352 هـ موافق 26 دجنبر 1933.
الانتشــار:
1934 :
زاد هذا العطف المولوي الشريف فرقة الكشافة الحسنية نشاطا فأمنوا على حركتهم من التهديد و الوعيد، فأخذوا ينشرون مبادئهم و تعاليمهم في الأوساط، بالمدن و القرى نخص منها الرباط و سلا و البيضاء و الجديدة و ايفران و آسفي و فاس و مراكش و مكناس والجديدة.ومنذ ذلك الحين و فرقة الكشافة الحسنية في الطليعة بالمشور السعيد أو بمسجد السنة بمناسبة عيد الفطر و عيد الأضحى.
1938:
اللقاء الخالد بملعب الأولمبيك في شهر يوليوز سنة 1938 حيث نظم الاتحاد الرياضي حفلة كبرى بالرئاسة الفعلية لولي العهد المحبوب آنذاك جلالة الحسن الثاني رحمه الله.وهكذا تابعت فرقة الكشافة الحسنية سيرها إلى الأمام سنوات عديدة، يحدوها الوفاء و الإخلاص والتضحية تحت الرعاية الشاملة للأسرة المالكة المجيدة.
قائد جديد للمنظمة
أكتوبر 1940 :
وفي شهر أكتوبر من سنة 1940 تم تعيين المرحوم السيد إدريس المحمدي رئيسا للاتحاد الرياضي حيث حرص على إعطاء الحركة الكشفية صبغة خاصة متشبعة بالروح الدينية و الوطنية.
معاكسة سلطات الحماية الفرنسية
9 يوليوز سنة 1941 :
لما لاحظت سلطات الحماية التطور السريع الذي تسير عليه الكشفية الحسنية نحو تنظيم و ضم أكبر عدد من الشباب المغربي المتحفز إلى صفوفها ، تقدمت بمشروع تنظم بمقتضاه حركة الكشفية الإسلامية المغربية و يهدف هذا المشروع إلى وضع الكشفية المغربية تحت المراقبة المباشرة لإدارة الحماية و ذلك بجعلها فرعا خاضعا للجامعة الكشفية الفرنسية.إلا أن صاحب الجلالة المغفور له محمد الخامس رفض المشروع الفرنسي و اقترح في مواجهته مشروعا آخر ينص على ضرورة توفيق النشاط الكشفي مع العادات و اللغة و الدين في البلاد.ولم يحز المشروع الملكي رضى الإقامة العامة ، فضربت عنه صفحا وحررت مشروعها النهائي في صيغة قانون مؤرخ في 9 يوليوز سنة 1941 و لكنه لم يطبق و بقي حبرا على ورق.
دجنبر سنة 1941 :
أصبح للكشفية الحسنية وجود مركزي، يعتمد على الأطر الكفأة والإيمان القوي و الحماس المتزايد الذي يغمر قلوب الشباب المنضوين تحت لوائها، و المواطنين المغاربة عموما الذين وجدوا فيها مظهرا لوحدة الشباب و تكتله حول أهداف تربوية ووطنية سامية.و أصبحت كتائب الكشافة الحسنيين و أسرابهم و عشائرهم تقطع الشوارع في نظامها البديع و زيها الأنيق وسط هتاف أفراد الشعب و تحياته و ذلك أثناء التوجه و الرجوع من الخرجات التي كانت تنظمها في ضواحي المدن.و ملأ هذا المنظر قلوب المستعمرين غيظا فصمموا العزم على وضع حد لنشاط الكشفية الحسنية، و ذلك بسلوك أسلوب التحايل، فاغتنموا فرصة قيام الحرب العالمية الثانية أواخر سنة 1941 و استصدروا ظهيرا يمنع لبس الزي الموحد على جمعيات الشباب إلا بإذن خاص، بدعوى القضاء على حركة الشبيبة النازية التي ظهر لها نشاط في مختلف الأقطار التابعة للنفوذ الفرنسي في عهد حكومة فيشي.وظهر بعد ذلك أن الغرض الرئيسي من المنع كان منصبا على حركة الكشفية الحسنية التي بقي المسؤولون عنها منذ ذلك العهد يتقدمون بطلب السماح بارتداء الزي الموحد ولم يتمكنوا من الحصول عليه إلا بعد حصول المغرب على استقلاله و تمتعه بقوانين الحريات العامة.ولم يثني هذا التدبير القاسي من عزم قادة الكشفية الحسنية و أعضاءها فاستمروا يزاولون نشاطهم بزيهم المدني و في خفاء عن أعين الرقباء الذين كانوا يتقصون حركاتهم و يضايقونهم بشتى الوسائل بما فيها السجن و تهديد الآباء.
1942:
وفي سنة 1942 حاول القبطان موريون الوصول إلى اتفاق مع قادة الجمعية لإنشاء مجلس أعلى للكشفية المغربية، و لكن الشروط التي كان يتضمنها اقتراح الإقامة العامة على يد القبطان موريون لم ترض قادة الجمعية و بقي الحال على ما كان عليه بالنسبة للكشافة الذين ظلوا يواصلون نشاطهم في خفاء و ربما بحماس أشد و إيمان أقوى و هو ما تقتضيه طبيعة رد الفعل و مقاومة الاضطهاد.الكشفية الحسنية تشارك في مظاهرات المطالبة بالاستقلال.
يناير 1944 :
كان لقادة وجوالة الكشفية الحسنية المغربية مساهمة قوية في المظاهرات الشعبية التي قام بها المواطنون للمطالبة بالاستقلال، في مختلف المدن المغربية وخصوصا في الرباط وفاس والبيضاء ومراكش ومكناس وسلا وآسفي وغيرها من المدن المغربية بتنسيق كامل مع أعضاء الحركة الوطنية التي وقع قادتها وثيقة المطالبة بالاستقلال. ومنذ ذلك التاريخ أسس الموقعون حزب الاستقلال الذي كان يمثل الأمة المغربية بجميع مكوناتها.وكانت الكشفية الحسنية بحكم أهدافها الوطنية تعمل إلى جانب حزب الاستقلال من أجل استقلال المغرب وكان من نتائج ذلك أن قضت سلطات الحماية بحل جمعية الاتحاد الرياضي رفقة الكشفية الحسنية المغربية.ولم يفتر قادة المنظمة عن تقديم طلباتهم للحصول على الترخيص لهم بارتداء الزي في كل مناسبة، ولكن دون جدوى.
سياسة التخدير والتظاهر باللين من لدن سلطـات الحماية الفرنسية:
من سنة 1945 إلى سنة 1947:
و نهجت السلطات الفرنسية مع المغرب سنوات 1945-1946-1947 سياسة التخدير و التظاهر بسلوك خطة اللين و التفاهم و بالأخص في عهد المقيم “اريك لابون” فاغتنم الكشافة الحسنيون هذه الفترة لمضاعفة نشاطهم و ارتداء الزي رغم قانون المنع.وتجدر الإشارة إلى المحاولات العديدة الملحة التي كانت تبذلها إدارة الشبيبة و الرياضة في عهد الحماية مع مسيري الكشفية الحسنية في شأن انضوائها تحت راية الكشفية الفرنسية كما هو الشأن بالنسبة لغيرها من الجمعيات الكشفية الموجودة في أقطار ما كان يسمى بالاتحاد الفرنسي، و لكن العرض كان يقابل دائما بالرفض يقينا منها بأن الاندماج في أية جامعة أجنبية معناها الانسلاخ عن الشخصية المغربية و حمل جنسية الدولة التي تنتمي إليها الجامعة ، وقرر قادة الجامعة أن حل الحركة حلا نهائيا أفضل وأسلم للكرامة الوطنية من وجود مستمد من الاندماج في شخص الأجنبي.
سنة 1947:
التهديد والوعيد:
وخلال سنة 1947 عين الجنرال “جوان” مقيما عاما بالمغرب فعاد إلى خطة التعنيف و منع كل حركة كشفية أو رياضية، و ضيق الخناق على حزب الاستقلال، و لكن ذلك لم ينل من عزم الكشافة الحسنيين و لم يؤثر في وجودهم السري للمشاركة في معركة المقاومة ضد الاستعمار من أجل رجوع محمد الخامس وتحقيق الاستقلال.المشاركة في معركة المقاومة ضد الاستعمار من أجل رجوع محمد الخامس وتحقيق الاستقلال.
غشت 1953:
قام أعضاء الكشفية الحسنية المغربية بالمشاركة الفعلية في صفوف المناضلين و المقاومين من أجل رجوع محمد الخامس إلى عرشه و تمتع المغرب باستقلاله و كرامته، و سجل تاريخ حركة المقاومة المغربية بمداد الفخر استشهاد بعض القادة والجوالة بالرباط وفاس والبيضاء ومراكش، ونذكر على رأسهم بطل المقاومة القائد الكشاف محمد الزرقطوني رحمه الله. يتبع