مقالات

من مجالات تعميق السلوك الديمقراطي لدى المواطنين

  يقول بعض الباحثين ( إن الدولة الحديثة تتميز عن الدولة التقليدية بالمدى الواسع الذي يشارك بمقتضاه الأفراد والجماعات في العمل السياسي…وكلما تزايد حجم المشاركة السياسية، كان ذلك مؤشرا إيجابيا يعبر عن صحة العلاقة بين الدولة والمجتمع) وخاصة تكوين المؤسسات الدستورية المنتخبة،

أو عن طريق عملية الآستفتاء لإبداء الرأي، ثم مدى مصداقية الأحزاب السياسية لدى المواطن سواء من حيث ممارستها للديمقراطية الداخلية في هياكلها وبنيتها ووظيفتها، أو تحقيق طموحات الناخبين خاصة، والمواطنين بصفة عامة، ومدى ارتباط برامجها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بالمشاكل الآنية للمواطنين، وامتلاك القدرة و الإجراءات العملية للتنفيذ…والحياد التام لبعض الأجهزة المؤثرة في المشاركة السياسية..

   كما أن الديمقراطية كمفهوم وسلوك لم تعد منحصرة ومرتبطة بمن يتحمل مسؤولية تدبير وتسيير الشأن العام المحلي والوطني أو الجهوي، بل هي سلوك يرتبط بحياة المواطن، ويعبر عن مدى تأهيلها في الفكر والثقافة السائدة في السلوك، وفي المرجعية الحضارية للأفراد والجماعات.

فإن المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية تتطلب مجهودا لترسيخها في وعي وسلوك المواطن …لكن، كيف يمكننا خلق وعي لدى الأفراد والجماعات بضرورة المشاركة السياسية؟ هذا يتطلب تأسيسها في منظومة الثقافة السائدة، وطرق وأساليب التنشئة الاجتماعية، وخلق مناخ لترسيخ ذلك في السلوك اليومي لجميع الأفراد، والتدريب الممنهج في إطار خطة طويلة المدى لاكتساب مجموعة من المعارف والمهارات والاتجاهات، والقيم في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان للتأكيد على أن الديمقراطية لم تعد مفهوما مجردا، بل هي واقع يمارسه الفرد مع آخرين في منظمته وجمعيته ومجتمعه…

وللمساهمة في معالجة ما اقترحه الأستاذ، لترسيخ ثقافة الديمقراطية والمشاركة العملية في ممارستها كسلوك حضاري، فإنني أقترح على الجريدة مجالين، الأول يتيح للشباب فرص اكتساب المعارف والمهارات والقيم للمشاركة في الحياة العامة. والثاني دور المجتمع المدني في التربية على الديمقراطية لتسليط الأضواء على دور المنظمات والأحزاب والنقابات في تأطير المواطن وتكوينه وإعداده للممارسة العملية في الحياة العامة والمؤسسات الدستورية.

هذاالموضوع بعنوان ( مشاركة الشباب في الحياة العامة) وهو نتيجة ندوة عربية شارك فيها شباب إحدى عشرة دولة عربية، وملخص لعروض في الموضوع شاركت بها في عدة مناسبات شبابية كإجراء عملي لتحسيس الشباب بأهمية المشاركة في الحياة العامة، وإكسابهم الاتجهات والقيم بتحديد معنى المشاركة وأهميتها بالنسبة لهم، وأنماط المشاركة وكيفية المشاركة، والمؤسسات المجتمعية التي تتيح عمليات المشاركة، والقيادة الشبابية، وتخطيط برامج الشباب… والمشاركة في برنامج الألفية الثالثة. لأن الشباب( ذكورا وإناثا) هم المستقبل الحقيقي للوطن، لدى كان من الضروري الاهتمام بعملية إعدادهم للمستقبل، مما سيساهم في خلق جيل جديد يؤمن بأهمية المشاركة، ويدرك مفاهيم الديمقراطية وحقوف الانسان والتطوع وخدمة الغير ونكران الدات…

أولا= مشاركة الشباب في الحياة العامة

هذا الموضوعهو نتيجة ندوة عربية شارك فيها شباب إحدى عشرة دولة عربية، وملخص لعروض في الموضوع شاركت بها في عدة مناسبات شبابية كإجراء عملي لتحسيس الشباب بأهمية المشاركة في الحياة العامة، وإكسابهم الاتجهات والقيم بتحديد معنى المشاركة وأهميتها بالنسبة لهم، وأنماط المشاركة وكيفية المشاركة، والمؤسسات المجتمعية التي تتيح عمليات المشاركة، والقيادة الشبابية، وتخطيط برامج الشباب… والمشاركة في برنامج الألفية الثالثة. لأن الشباب( ذكورا وإناثا) هم المستقبل الحقيقي للوطن، لدى كان من الضروري الاهتمام بعملية إعدادهم للمستقبل، مما سيساهم في خلق جيل جديد يؤمن بأهمية المشاركة، ويدرك مفاهيم الديمقراطية وحقوف الانسان والتطوع وخدمة الغير ونكران الذات…

 معنى المشاركة وأهميتها

   يشير مفهوم المشاركة إلى عملية اندماج الشباب في صناعة القرارات التي تؤثر على حياتهم، ويتضمن ذلك مساعدتهم في تحديد احتياجاتهم الشخصية واحتياجات مجتمعهم، مع طرح الحلول واقتراح أساليب التدخل التي تعمل على تطوير وتحديث المجتمع

قيم مفهوم المشاركة

مما سبق، يمكن استخلاص مجموعة من القيم:

  • المشاركة هي التعاون مع باقي أفراد المجتمع في صناعة مستقبله وحل مشاكله وتطوير قدراته.
  • المشاركة تعمل على تبادل الأفكار والآراء والخبرات والثقافات مع الآخرين
  • المشاركة فرصة للابتكار والتجديد ومواكبة تطورات العصر.
  • المشاركة تتطلب إنكارا للذات وسيادة روح الفريق ومصلحة المجتمع على روح الفرد والمصلحة الشخصية

فوائد المشاركة في الحياة العامة

على مستوى الشباب:

  • اكتساب مهارات التخطيط والقيادة والعمل الجماعي،والعديد من المهارات الحياتية …
  • تنمية الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع
  • تنمية الإحساس بالاعتزاز بالنفس والثقة في القدرات الذاتية.
  • اكتساب احترام باقي أفراد المجتمع.
  • تنمية الشعور بكون الفرد قيمة واحتياجا للمجتمع.
  • اكتساب قوة التأثير في الآخرين، والقدرة على تغيير الذات.
  • تعلم أصول وأسس ممارسة الديمقراطية على المستوى الفردي والمجتمعي.
  • التمكن من اكتساب مهارات وخبرات حياتية تفيد أثناء العمل في المستقبل

على مستوى المجتمع:

  • امتلاك الشباب لطاقات ابداعية تمكنه من طرح حلول جديدة ومبتكرة للعديد من مشكلات المجتمع، مثل البطالة والأمية والفقر…
  • يعتبر الشباب موردا بشريا هاما لعملية التنمية داخل المجتمع، فمن خلال المؤسسات والجمعيات.. يمكن لهم المساهمة في عمليات الحفاظ على البيئة، وترشيد الموارد، وتعليم الكبار، ومساعدة غير القادرين، ورعاية المرضى والمسنين..والدعم والتقوية..إلخ.
  • مشاركة الشباب في عمليات صنع واتخاذ القرار، تضمن للمجتمع وجود قيادات مستقبلية قادرة على تحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع، والارتقاء بمقدراته.
  • المجتمع في حاجة لمشاركة الشباب في جميع أنشطته، لإضفاء حيوية على مسيرته، واستيعاب الشباب ضمن منظومته.
  • الشباب هم قيادات المجتمع في المستقبل، فيجب إعدادهم لتحمل مسؤولية المستقبل بكل تحدياته، من خلال إتاحة الفرصة كاملة للشباب للمشاركة بفاعلية

أنماط المشاركة

مشاركة الشباب تتخذ ثلاثة أنماط:

*نمط المشاركة على مستوى الفرد: وهو حق الشباب في معرفة القرارات التي سوف تؤثر على حاضرهم أو مستقبلهم على المستوى الفردي، مثل القرارات التي تتخذ على مستوى الأسرة.

* نمط المشاركة على مستوى تنظيمات المجتمع: سواء كانت هذه التنظيمات حكومية أو أهلية أو خاصة، وهو حق الشباب في وجودهم داخل عملية صنع القرار أثناء وضع السياسات والبرامج التي يكون لها تأثير مباشر على حياتهم، ومثال ذلك وجود الشباب في الأجهزة والمؤسسات ومجالس إدارة الجمعيات ومراكز الشباب والأندية الثقافية والتربوية والرياضية…

* نمط المشاركة على مستوى الدولة: وهو حق مشاركة الشباب في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل سمات الدولة وخصائصها، ومن أمثلة ذلك، انتماء الشباب للتنظيمات الحزبية، والمشاركة في العمليات الانتخابية، والمشاركة في برامج التربية المدنية…إلخ.

مؤسسات ومنظمات تتيح للشباب حق المشاركة

  • الجمعيات الأهلية:

     كيان مجتمعي قام بتأسيسه مجموعة من المتطوعين المحبين لمجتمعهم تتخذ أشكالا متعددة منها ما هو خيري أو تنموي، وتعمل في مجالات محاربة الأمية والطفولة المشردة والحفاظ على البيئة، وتنمية مهارات الشباب، وتقديم قروض للفقراء، وغالبا ما تنشر إعلانات عن طلب متطوعين لخدمة أغراضها.

  • مراكز وأندية الشباب:

     تعمل على إتاحة الفرصة للشباب في المشاركة في الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية والتربوية والفنية… بهدف إكسابهم مهارات حياتية متنوعة، وإعدادهم للمستقبل من خلال برامجها المتعددة

  • الجمعيات الكشفية:

     تعمل على تعليم الشباب مهارات الاعتماد على الذات، وأخذ المبادرة، القيادة، المشاركة الإيجابية…وإتاحة فرص الترقي وتبادل الخبرات بين العديد من الفئات العمرية

  • الأحزاب السياسية:

     وهي مؤسسات تضع السلطة والحكم هدفا ساميا تسعى إليه، من خلال تبنيها لبرامج سياسية مختلفة، وتسعى الأحزاب لجذب أكبر عدد من المؤيدين لبرامجها وأهدافها، لذلك فهي أماكن ثرية بفكر المشاركة، يجب التوجه إليها واقتناص فرص ممارسة الديمقراطية الحقة من خلالها.

  • مراكز التطوع:

     هي مؤسسات مدنية أنشأها بعض الأفراد من أجل ربط طالبي التطوع بالمؤسسات المحتاجة للمتطوعين. وفي بعض الحالات تمارس أنشطة وبرامج تنموية من خلال متطوعين تقوم باستقطابهم.

  • المؤسسات التعليمية:

       مثل المدارس والمعاهد والكليات ومراكز التكوين المهني… التي تتيح فرص المشاركة الفعالة من خلال أنشطتها الثقافية والاجتماعية والبيئية وغيرها…

ثانيا=دور المجتمع المدني في التربية على الديمقراطية

أهداف التربية المدنية

  • تنمية المعارف بالمجالات السياسية والاجتماعية
  • التحرر من البنى العصبية
  • ترسيخ ثقافة التسامح والتفاهم.
  • تنمية ثقافة احترام القانون وحقوق الأفراد.
  • حق الأفراد في المساءلة والمحاسبة.
  • ترسيخ مفهوم الشفافية.
  • تنمية اتجاهات العلاقات والتفاعلات الاجتماعية.

دور التربية المدنية لترسيخ الديمقراطية

   تعتبر مؤسسات المجتمع المدني مدارس أولية لتعليم وتعلم الديمقراطية، وممارستها، حيث يشترك الفرد في عدد من الممارسات وعمليات انتخاب المؤسسات والأجهزة القيادية، والمشاركة في النقاشات والحوارات، وبذلك لم تعد الديمقراطية مفهوما مجردا، بل أصبحت واقعا يمارسه الفرد مع آخرين في جمعيته ومجتمعه.

   كما يكرس المجتمع المدني مفاهيم التخلي عن المرجعيات التقليدية والنزعات الذاتية، بولوج واعتناق ثقافة التسامح والتعايش والمواطنة المتساوية في إطارالتوحد الوطني بمحدداتها الثقافية والمعرفية التي تشكل وعيا جمعيا يعبر عن الحرية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد، والوعي بمفهوم الوطن يعد من أهم مفردات الثقافة السياسية الحديثة.

   و تلعب مكونات ومنظمات المجتمع المدني دورا أسا سيا في هذا التوجه لترسيخ ثقافة سياسية حديثة في إطار عملية التنشئة الاجتماعية والسياسية، ومن أهم هذه المكونات النقابات والجمعيات التربوية والثقافية والفنية والبيئية والاقتصادية،والأندية ومراكز الأحزاب ووسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والنسوية والشبابية وغيرها. والتي يجب أن تقوم بدورها في مجال تنمية الوعي السياسي والاجتماعي في جميع أوساط المجتمع.

   ومرورا من هذه المحطات التي تعتبر مجالات للتعلم بالممارسة العملية والتفاعل مع الواقع، لاكتساب معارف ومهارات وسلوكيات وقيم واتجاهات، نستطيع إعداد قيادات قادرة على ممارسة العمل الديمقراطي بكل مكوناته داخل المؤسسات الدستورية، ولها كفايات وقدرات في مجالات المهارات الحياتية، كالقدرة على التواصل والتفكير الناقد وتنمية العلاقات والتفاوض والتعايش والتسامع والتضامن والتعاون وحل المشكلات ومهارات صنع القرار والتعامل وإدارة الذات وفن الحوار، والتحليل العقلاني للمحيط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.ومعرفة وإدراك الأدوار والمهام، وبذلك يصبح الأعضاء قادرين على الانخراط الوجداني في مفاهيم الديمقراطية وقيم المواطنة والمقاربة التشاركية، متشبعين بقيم التطوع وخدمة الناس ونكران الذات، وأخيرا الممارسة العملية للديمقراطية والعمل المدني…والانخراط في مناخ المؤسسات الدستوري محليا أو جهويا ووطنيا بكل وعي وإدراك.

المصادر

المشاركة :  هاني ابراهيم

مفهوم المجتمع المدني: حميد كاظم شذر

منظمات المجتمع المدني في ظل العولمة: نزار قاسم محمد

تعليم التفكير الناقد: عبد العزيز عبد القادر المغيصيب


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock