اخبار وطنيةالاخبار

الكشفية الحسنية المغربية ما قبل المؤتمر

السلوك التنظيمي

مع اقتراب المؤتمر الوطني كثرة الكلام وكثرت الانتقادات، وكل منتقد يعتقد أنه هو صاحب الرأي السديد، والبقية تهدي وتقول كلاما غير مفهوم … لكن كلام العقلاء منزه عن العبث، لنعد للأصل، لنعد لمسار الجمعية، ولكرنولوجيا تدخلاتها وأعمالها وأنشطتها، ونرى ماذا أفرزته 84 سنة من التواجد على الساحة التربوية بالمجتمع المغربي، لقد عرفت الجمعية خلالها تاريخا حافلا بالمنجزات، وبصمت التربية الكشفية بصمات قوية، ساهمت فيه رجالات (ذكورا وإناثا) بجهدهم ووقتهم ومصالحهم وبنضالهم الفكري والبدني والمالي … كما أن الجمعية عرفت كباقي الكيانات التنظيمية الأخرى تراجعات وهفوات في مسيرتها، لكن قوة إيمانها وعراقة تدخلاتها وحكمة مسييريها جعلها قادرة على مواجهتها، وجعلها محصنة عن التراجع، لكن السؤال المحوري، والعبرة التي نريد الخروج بها : ما هي نتائج الحصيلة الشاملة للجمعية التي راكمتها عبر تاريخها الطويل، أي ما هي الحصيلة المتبقية حتى هذا الزمن ؟ وماذا راكمته الجمعية من موارد بشرية، ما حصلت عليه من إمكانيات مادية : عقارات وفضاءات وامتيازات، ما هي قدرتها التأطيرية للطفولة والفتية والشباب على المستوى الوطني ؟ إلى أي مدى بلغ امتدادها المجالي لإيصال الحركة لأكبر عدد من المواطنين ؟ ما هي قدرتها الترافعية للدفاع عن قضايا الطفولة والشباب ؟ ما وسائلها وإرادتها للانخراط في المشاريع التنموية التي تطلقها الدولة ؟ أين إشعاعها الوطني والدولي ؟ أين ؟ أين ؟ . . .
تدفعنا هذه الأسئلة إلى مراجعة وتقويم هذا الامتداد العمري الطويل للجمعية، ومقارنته مع ما حقتته فعليا، لكن السؤال الحارق هو ما هي حصيلة كينونتها الحالية التي ستمكنها من تثمين رسم مالها الذي تمتلكه الآن، هل تقلص أم حافظ على مستواه ؟ وكيفية توظيف ما تبقى منه لاستشراف المستقبل، ما يجعل طرح السؤال يبحث عن الوضوح كالآتي : ما هو الرأس مال الذي راكمته وبلغته الجمعية لحد الآن ؟
الكل يحس أن الجمعية أغفلت مواكبة التطورات السريعة الذي تعرفها الموارد البشرية، وأهملت العلاقة التبادلية بين الفرد والجمعية، جعلها تفرز انعكاسات سلبية على قيمة رأس مالها البشرى. فطفت على السطح سلوكيات تفتقد لمعايير الأخلاق، وعدم تثمين كفاءة الأعضاء الموجودين لإنصافهم والاهتمام بهم قبل غضبهم وانسحابهم، غاب التدبير المعقلن للموارد البشرية ولتثمينها حسب استحقاقها وقياس مردوديتها، للتعرف على النتائج الجيدة وتوظيف أصحابها في المواقع التي تناسبها باعتبارها القوة المؤثرة في بناء المستقبل، لكن وللأسف أصبح التهميش والإقصاء لها يتهيكل ويتفشى ويتغلغل. لم تستطع الجمعية الحفاظ على معايير قيمها ومبادئها ومعاملاتها، وتركت سلوك التنظيم ينتشر بعشوائية، ما أفرز ممارسات لا- تنظيمية، جعلت نزوات بعض الأفراد تتحكم في أسلوب تسيير الجمعية، وتخلق توثرات مع العديد من القيادات والجهات والفروع، وبذلك أصبحت هذه الفئة تتحكم حتى في مصيرها الذي هو في ملك كل المنتسبين إليها.

الرأس مال الحقيقي للجمعية هي مواردها البشرية، لكن للأسف غياب خطة واضحة تحدد الإطار القيمي والمرجعي للتعامل مع المتطوعين ومع الكفاءات، أنتجت أشخاصا لا يؤمنون إلا بالانتقاد ومحاربة مبادرات المجتهدين، وبث الإشاعات ومعارضة أي تغيير أو تطوير، وتشويه الحقائق ما يساهم في إضعاف الروح المعنوية للقادة العاملين، ويؤثر على أداء الجمعية، وعدم قدرتها في تحقيق أهدافها. وبدأت ضوابط الوعي الجمعي والإحساس بالانتماء الذي يتشارك فيه الجميع يتقلص ويتلاشى. والأفكار المشتركة بالجمعية لم تعد تحمل نفس الدلالات عند مختلف الأعضاء، وهذا ما يتسبب في الانقسامات والتشتت لا قدر الله.
الحقيقة أن الجمعية تعيش على وقع غياب ضوابط العلاقات التنظيمية وعدم تحديد المهام والمسؤوليات، على الأقل لضمان وتيرة العمل العادي في سياق الاستمرارية الكرونولوجية التي ورثناها عن القادة الأوائل، والتي يجب الحفاظ عليها وتطويرها لتمريرها للأجيال الحالية واللاحقة، الجمعية أمامها أوراش حقيقية لترميم انشقاقات مواردها البشرية، والبحث عن آليات حقيقية لتدبير الموارد البشرية بالفعل الحقيقي وليس بالشعارات، لتجتمع على كلمة واحدة وفقا لروابطها، وإذا لم يتمكن المؤتمر من تحقيق ذلك فقد يكون عقد المؤتمر بدون جدوى.
الإشكالية الكبرى التي تعاني منها الكشفية الحسنية تعود بالأساس لعدم قدرتها على تدبير الكفاءات الرفيعة التي تتوفر عليها مواردها البشرية وطنيا وجهويا ومحليا، سواء من فئة الرواد أو فئة الشباب، نظرا لغياب أي رؤية لتوظيفها في المواقع التي تتناسب مع مؤهلاتها. وهذا هو الهذر الحقيقي لمكتسبات الجمعية الذي لا طالما راكمته وحافظت عليه طوال مسيرتها. فما على الجمعية بكل طاقاتها وتجاربها ومواردها البشرية القيام ” بعملية مجهرية ” لرصد وتحليل واقع التدبير الحالي للموارد البشرية، لأنها هي رأس مالها ورهانها للتمكن من تحديات المستقبل.

 

القائد شكيب الرغاي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock