بعدها بيومين شارك الفرع بمخيم بالمعمورة بعدد قَلِيل لم أشارك فيه رغم إلحاح بَعْض القادة . فضلت أجواء ما يلي الاعراس واجتماع كل العائلة والمعارف . بعد ايام قلائل التقيت بإدريس بوخاتم ، جَاءَ لغرض وسيعود في نفس اليوم الى مخيم المعمورة . أثارني بأحداثه ونشاطه ومتعه لم أطق صبرا خاصة عندما علمت ان المخيم يظم جل قادة الفرع وكشافة . انين ، الرفيق بوخاتم ، جمال، البويحياوي ، موحو عبد النبي ، العلام ، والعائدون حسينو عبد الوهاب ،رشيد بوزياد ، بوسبعة وعبد العزيز بوثنين ،وبعض اصدقاءهم. بت الليل أتقلب في فراشي واتخيل ما يجري بالمعمورة . لم تكن لي النقود الكافية ولا يمكنني طلبها من أبي . كل ما كان لدي مجموعة من التحف صنعتها بيدي عبارة عن ثريات من الخشب وحصالة نقود وكراسي خشبية من العرعار بعتها بأبخس ثمن خمس وثمانون درهما وطلبت الإذن من والدي للسفر . في الصباح الباكر لقيت عتابا من أمي ” ماعيتيش من المخيم والغابة دوزتي فيها ما كفا ” لم يعقب أبي . عند خروجي من المنزل سألني الي ان كنت احتاج الى بعض المال فاجبت شاكرا بان لي ما يكفي ، اخذت اول حافلة وانطلقت الى المعمورة اترقب المنعرج الكبير وبعده المعهد للنزول كان ينتابني خوف لاول مرة أسافر دون رفقة . ماذا لو اجتزت مكان النزول ؟ ماذا لو غفوت او نزلت قبل المكان ؟ لكن وصلت الدرب ودخلت المخيم ونفس المكان وجدتهم جميعا يستعدون للغداء . لقيني بوخاتم مرحباً ” درتيها وجيتي ” رحب بي الجميع كان ترحيب العلام اكثر تميزا حين سلم علي قائلا مرحباً بالقائد يوسف ، شعرت بخجل وقلت له مازال الوقت مبكرا على الإسم . جلست للغداء لم تكن هناك وحدات او طلائع اختلط القادة بالأفراد قليلي العدد ولاحظت وجود غرباء علمت انهم اصدقاء القادة .
المخيم عبارة عن نزهة للفرع يصبحون ويغدون ويمسون في نشاط جماعي .أناشيد ومباريات في كرة القدم ومزاح وسهر بالليل وخرجات المدينة . تدور احيانا مناقشات حول المخيمات السابقة او البرامج المقترحة للسنة المقبلة .كنت أجالس الكشافة. ونحكي تجاربنا او تطلعاتنا . في الليلة الثالثة من وصولي اقمنا سهرة عيساوية ونحن على طاولة العشاء قام احد القادة بتمثيلية مدعيا انه مصاب بمس من الجن كان المقصود بها احد الأصدقاء لخوفه الشديد من الجن .عندما انتهينا من السهرة وبعد الخلود للنوم قام القادة بربط الشخص الى سريره ، استفاق على حركة غريبة من القائد موحو الذي ادعى مسه وهو يحمل خنجرا بلاستيكيا أشبه بخنجر حقيقي ويطعن نفسه ثم يتجه نحو الصديق ويقترب منه . كنا متحلقين حول الخيمة ننظر ما يحصل من خلا ل فتوحات بين قبة الخيمة وجدارها . وجه الصديق يصفر ويحمر والسرير يهتز باهتزازه من شدة الرعب . يفتح فاه للصراخ ولا يستطيع .عشرة دقائق مرت في هذا الرعب المصطنع . لم نستطع كبح انفسنا من الضحك حتى انفجر احد المتفرجين ضاحكا .فعلم انها خدعة فأرعد وازبد وسب الجميع وتوعد الجميع في صراخ استيقظ معه المخيم .هرب كل الى مكانه عندما حضر القائد عبد العزيز يستفسر امر الصراخ . حكى له القادة انها مزحة انقلبت غضبا .في الصباح اعتذر الجميع من الصديق واكملنا يومنا ونحن نضحك كلما تذكرنا مغامرة الأمس . مغامرة اخرى كانت أشد وقعا واكثر حبكة عن سابقتها كان ضحيتها المخيم بأكمله علقت بذهني إلى الان وكنت أتساءل دوما ما مدا استعابنا لمواقف مماثلة . وهل كانت مزحة ام محاكاة لما يمكنه الوقوع فيه والتعامل معه . او تدريب على صروف الحياة بقساوتها واحتمالاتها ؟لا استطيع هنا حكايتها ولاسردها في مكان لا اعلم ردة فعل أصحابه .ستوصف بالجنون والحمق وعدم التفكير في العواقب . لكن كل ما يمكن قوله في موقف مماثل ان ردت فعل قد تظهر لك معدن الشخص – فقد كان يغمى علي لولا سرعة انكشاف المزحة …