لم أدر كم بقيت من الوقت. انهكني التفكير في العواقب حتى غفوت. لم استيقظ الا على صوت المكزاري وعبد العالي مساعدي يدعواني للعشاء. كانت الساعة التاسعة والنصف دخلت الخيمة وصمت رهيب يخيم سألت القائد عما حصل ،وما حصل، ولمن حصل ؟بادرني بمن لم ينجو من فرعنا المسكيني منير جرح غائر خلف الركبة وكسر في الساق عند القباج محمد وجروح بسيطة عند آخرين، وأما القائدة فتيحة مازالت في المستشفى لكن حالتها جيدة إلا من رضوض بسيطة. اما الباقي من المصابين فمن جمعيات اخرى وحالة وفاة من المصطافين . على حد علمهم . وما حصل ان سائق السيارة فر من حاجز تفتيش للدرك وفقد السيطرة على السيارة فكان الموكب أمامه . فزاد ارباكه وفقد السيطرة . أوقفوه عند مصب ملوية بمساعدة السيارات التي لحقت به.دخلت في نوبة بكاء شديد أبكيت معها الجميع لم استطع التوقف وغادرت المطعم ودخلت الخيمة ومعي كل افراد طليعتي دون عشاء .ولا أضن ان أحدا اكل ليلتها . هكذا احتفلنا بالعيد وهكذا ختمنا هذا اليوم الجميل وكأن القدر يقول لنا خذوا حضكم ونصيبكم من الكوارث كما تاخذون حضكم ونصيبكم من الفرح. في اليوم الموالي استيقظنا دون طعم لمتابعة النشاط لكن اجبنا سفيرة النداء ونحن نردد نشيد التجمع لكن بدون حماسة وقمنا بواجباتنا اليومية على مضض دون حماسة . نزلنا البحر نلقي بأجسامنا في الماء وعلى الرمال لكن دون متعة ونرفض الكلام في الموضوع ونشرد كثيرا في احداث الأمس . ماذا لو مات منا احد ؟ ماذا لو كنت أنا ؟ ماذا لو و كم من ماذا دارت في خلدنا . لكن كما قال والدي عندما سمع الخبر الحمد لله على لطف الله. قالها وأذكر انه قام بعدها وصلى ركعتي شكر لله.
الأربعاء من نفس غشت استيقظنا كالمعتاد على سفيرة القائد اليوم دورنا في المطعم أعددنا الطاولات وصحون المربا والزبدة ملأنا أباريق القهوة والحليب وانتظرنا مجيء الجميع ، تفاجئت عندما رأيت منير والقباج يدخلون متكئين على أصدقائهم مازالا يشعران بآلام خاصة منير ثم دخلت القائدة فتيحة تمشي على قدميها سالمة إلا من رضوض لم أتمالك نفسي عانقتها بحرارة وكدت ابكي . متى جاؤوا ؟ لم ابحث المهم انهم معنا ، عادت لنا البهجة وأنشدنا ونحن نتناول الفطور ثم أكملنا برنامجنا اليومي . لم تنزل طليعتي البحر مكتنا في المطبخ نساعد الطباخ في إعداد الخضر وجلب الماء وغسل الأواني وإعادة ترتيب المكان . بعد الغداء سُمحَ لنا بنزول البحر كان خاليا الا من مصطافين قليلون وأطفال في حصة للأناشيد . اغتنم القائد بوخاتم تواجدنا وطلب مساعدته في الاعداد لدورة هوبير للاشبال ثم التحقنا بالكتيبة . هكذا مرت الايام المتبقية ننتظر الليلة القمرية وسهرة المغامرات واللعبة الكبرى . كنا نضن انها ستكون على صعيد جميع فروع الكشفية . وكنت اضرب ألف حساب لو كانت مشتركة فطليعتنا ستحل في المراتب الأخيرة لوجود طلائع قوية من فاس كطليعة بنسودة الأسد وطليعة الوعل من فرع مكناس لازلت اذكر عريفها الطويل الأسمر . أضهر بجواره كقزم لم اكن اعرف اسمه ولم اشاهده يوما يبتسم . يقف قرب الماء وينظر للبحر .في الليل امرنا بارتداء الزي وربط المنديل على الرأس على شكل ربطة منديل القراصنة في العاشرة انطلقنا في خط واحد fil indien واتجهنا غربا ووسط الغابة نحوم حول الشجيرات يتقدمنا الاشبال والمرشدات والقادة على الجنبات . صدفتنا دورية من حرس الحدود .طلبوا منا تغيير خط السير لتواجد تنكثهم في نفس الاتجاه . دام السير لخمس وأربعين دقيقة وجلسنا في صمت في فسحة عند الشاطئ . ثليت آيات قرآنية تصور قدرة الخالق سبحانه وأبيات شعرية ثم صمت رهيب . حتى البحر القريب شاركنا الصمت لم نسمع صوت الموج يتكسر على الرمال ، أضواء المدينة المنعكسة على الماء تبدو بعيدة زادت من وحشة المكان ، وكأنها مدينة اخرى يتلألأ ضوءها فوق الماء . بدأ القائد عبد العزيز ينشد بصوت عميق أناشيد حزينة يساعده في ذلك بوخاتم كنا نردد معهم بصوت لا يكاد يسمع . هكذا مرت الليلة القمرية في ليلة غاب فيها نصف القمر ونصف ضياءه . قفلنا راجعين من جهة الشاطئ بدل الغابة . أعيتنا الرمال التي لا زالت دافئة بحرارة النهار ودخلنا خيامنا ونحن نردد نشيد النوم . يبدو ان الاحداث الاخيرة أثرت على السهرة ولم يغامر القادة كما كان معهودا في مثل هذه الليالي . بعد يومين ايقظتنا السفيرة قبل بزوغ الفجر بقليل ،صوتها كان حادا في سكون الليل الذي لم ينتهي بعد . وقفنا في التجمع ونحن نصف نيام . تسلم كل عريف ورقة مطوية أزالت ما بقي فينا من خمول وادركنا ان اللعبة الكبرى قد بدأت . كنا نضن انها ستكون مشتركة مع فروع الجمعية بالمخيم …