من مذكرات كشاف يزعم انه قائد

الحلقة التاسعة : حقبة 1979

قمنا باول خرجة خاصة بنا يوم الأحد 25 فبراير الى سيدي احرازم .الجو مازال باردا وممطرا لكن تحدينا العقبات وانطلقنا باكرا بعد اجتماع في باب الفتوح  ، في أول الطريق اشترينا  حزمة  جزر لكل واحد أكلنا ونحن نكابد البرد  _ جزر حلو طري – لم ناكل بعده شيء وكتفينا بشرب الماء المعدني ووفرنا ماجلبناه معنا من طعام الى ساعة قررنا المغادرة  . بعدها بأسبوعين خرجة الى غابة عين الشقق . كما توالت اجتماعاتنا في النادي  وفي الاحتفالات الوطنية خاصة الثالث من مارس ، عيد العرش ، وما يشهده من احتفالات عامة وخاصة ، فبالإضافة الى تقليد والدي في هذا اليوم ، يفرش المعمل زرابي وأفرشة على مسطبة مرتفعة من أعمدة الخشب  نعدها  بالليل  . ويبدا اليوم بوجبة الفطور المفتوحة بباقات الإسفنج الساخن وكؤوس الشاي في انتظار خطاب العرش . يتابعه الجميع باهتمام عبر المذياع  وبينهما أسطوانات  الملحون وقصيدة الدمليج . يعاد تكرارها حتي أصابها شرخ ونضحك منها عندما يتركمقطع حتى يقوم أحد بدفع الإبرة  . أو أسطوانات الفكاهة مع عبد الرؤوف وبلقاس  لم  نمل سماعها حتى حفضناها عن دهر قلب ، الغداء لا يكاد ينتهي بتوافد الزوار يتحلقون حول قصع كسكس . بعد الغداء حلقات لعب الورق التقليدي وما يصاحبها من مزاح الرابح ونرفزة الخاسر.  كنّا نصاب بحيرة في هذا اليوم.  كل  البلاد محتفلة وكل احتفال بطعم منظمه . وكل محتفل يريد أن يكون هو الأفضل في كل شيء . ففي المدرسة حفل وفي كل مركز حرفة حفل ،في العطارين  ، سيدي فرج ، النجارين ، دار الدبيبغ  والكزارين ،وكلها متقاربة  وفي محيط  واحد يكاد بعضها يسمع احتفال الآخر لقربه. ناهيك عن باقي الأحياء في كل واحد احتفال على الأقل .  وفي الشارع حفل وفي العمالة والنيابات ودور الشباب ، فلا ندري اي حفل  وأي احتفال نتابع ومع من نشارك ، وغالبا ما كنّا ننقسم ويذهب كل حسب  رغبته ثم نعود نلتقي في المعمل . كان دأبنا حتى انخرطنا في الكشفية فتغير كل شيء . فتعودنا الاستعراضات والمعارض واحتفال الجمعية بعيد عرش من تسمت الكشفية  باسمه ” الكشفية الحسنية ” . نعد العدة للاستعراضات وكأننا  نعد لاستعراض عسكريسنظهر فيه قواتنا وعتادنا ، نكوي الأزياء حتى تناياه متناسقة ونعيد تزين الإعلام والوية الطلائع ونتدرب على طريقة سير الاستعراض . كان ايقاعنا  الوحيد حناجرنا المضبوطة بنشيد السير ” شمال  شمال ،شمال يمين شمال ،للامام دوما باهتمام … وكان أكثر حرصنا  ان نمر في مقدمة الاستعراض تحمل العلم الكبير   وخلفنا البقية . كان صراعا بين جمعيتنا والجمعيات الكشفية الأخرى . والصراع  سجال في هذا السبق المعنوي. اذكر مرة أن منظمين الاستعراض اوقفونا في المأخرة . فانسحب المئة تقريبا ووفقوا في مكان منزو . كان ذلك في استعراض مارس 1980 .

مرت السنة الدراسية وكللت بنجاح وجاء وقت المخيم أوفيت بوعدي لحمزة وعبد الوهاب إخوتي سجلتهما في المخيم . منطقة تخيم  جديدة هذه السنة لم اسمع بها من قبل. كل ما كنت أعلم عنها انها في الشرق قرب مدينة وجدة –  كنت أعرف وجدة على خريطة كتاب الجغرافيا فقط  –  .بدأنا نلتقي كل يوم تقريبا . ننتظر بفارغ الصبر مجيء موعد المخيم  . لكن هذه السنة مختلفة . ليست الاعداد المعهودة التي تمنح لفرعنا . حصت فرع فاس في المخيم 25  مستفيد و لم نعرف الاسباب .قيل لنا ،ولم نفهم أو لم نكن نفهم الحسابات ولا من أين تأتي اعداد المخيمات ،القيادة العامة قررت هذا العدد  .  لن تكفي  المقاعدحتى القادة  الذين قرروا  وعلى راسهم القائد عبد العزيز بوثنين رفع التحدي والمشاركة بعدد يضاعف العدد الممنوح ثلاث  مرات اي 75 مستفيد لم اعر اهتماما  لهذه الحسابات ما كان يهمني هو الذهاب ولم لا المشاركة في هذا التحدي. طيلة الشهر والنصف المتبقي كانت الاستعدادات المادية والتجهيزات الإضافية من خيام وطاولات وكراسي وغيرها،  اذكر ان المشاركة المادية كانت مرتفعة مقارنة بالسنوات الماضية حتى القادة ساهموا كباقي الافراد ،ولربما أكثر .وتوالت الاستعدادات . حتى طليعتي  استعدت . صنعنا لواء الطليعة .تفننا فيه كثيرا رغم كوننا لم يكن لنا علما بقياسات ولا ألوان ،فقط بما تبث في مخيلاتنا من المخيم السابق . ساهمنا ماديا بخمس دراهم لكل فرد بالطبيعة . انطلقنا نحن الأربعة لحي السبطريين حيث دكاكين بيع مستلزمات حرفة الجلد . واشتربنا ربع متر من ثوب السندس الأزرق والأبيض وحاشية من الحرير الاصفر . ما تبقى من نقود اشترينا دفترا من الحجم الكبير ، دفتر ذهبي لطليعة الغزال  تداوله ثلاث عرفاء من بعدي ، جلست قرب امي  وهي تخيط الثوب وأضنها تفننت أكثر من توقعاتي . كنت سأتبثه بمسامير على العصى التي صنعت ،لكنها جعلت في أطرافه أشرطة تربط وتفك بسهولة لتنظيفه اذا اتسخ . وطال بحثنا عن جلد أرنب ليكتمل تزيين العصى حتى كدنا نستخدم جلد خروف اسود . كان أول لواء لطليعة الغزال ولقي استحسان القادة والقائد بوثنين وقليلا  من استهزاء الطلائع الأخرى . أول من كتب في الدفتر الذهبي كان القائد جمال ثم  القائد بوخاتم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock