من مذكرات كشاف يزعم انه قائد

الحلقة الخامسة : حقبة 1978/1979

محطة القطار يوم  الثلاثاء فاتح غشت 1978 الواحدة بعد الزوال تحت شمس حارقة التحقت بالمجموعة . في مكان جانب المحطة يستقبل القائد بوخاتم ادريس و انين نور الدين الاباء والأمهات . انتظرت مجيء افراد سداسيتي حتى ننعزل عن  الباقي . حدود الثانية والنصف اكتمل الجمع اخر الوافدين عائلة المسكيني قادة و افراد دخلنا المحطة وانتظرنا وصول القطار .نفس  سيناريو 77 تاخر القطار الخشبي القادم من وجدة نفس الهرج و المرج و نفس الأوامر.  لكن العدد اقل خاصة القادة  بسبب مشاركة الغالبية من كشافة وقادة بما فيهم القائد عبد العزيز في التجمع العربي .  هذا ما قيل لنا . مما سبب جهدا في الجمع ببن تحميل الامتعة و الافراد .  في القطار نفس التحركات وتوديع الاهالي … بعد خمس ساعات وصلنا إلى محطة الرباط حولي الثامنة مساء تأكد لنا ان المبيت سيكون ايضا هذه السنة في المحطة . حجزنا اماكننا ورتبنا امتعتنا استعدادا للمبيت .  وجدنا في انتظارنا القادة عبد العزيز بوثنين والوالي جمال احضرا لنا وجبة عشاء كانت لذيذة وخفيفة مقارنة بالسنة الماضية . دعمناها بما تزودنا به من بيوتنا . ليلة اخرى شاهدنا نوم مدينة الرباط واستيقاظها وتحركات الليل وأصحابه صفارة القطار و هديره يسبب حركة وفزعا للنائمين  ،خصوصا الصغار و الجدد… في السابعة كانت امتعتنا قد حزمت و مستعدين للانطلاق الذي تم في التاسعة في حافلة واحدة ـ لو كان اقترحوا علينا الذهاب الى المخيم سيرا لاخترنا ه على ان نركب هذه الحافلة ،ولكنا سبقناها ووصلنا في احسن حال  .دخلنا المخيم شبه سكرى من شدة التعب وطول المسافة والسرعة الحلزونية للحافلة وضيقها بنا.  لكننا وصلنا وانتظرنا نتيجة اجتماع توزيع المقرات ,نفس المخيم كأنه بقي مبنيا بخيامه ينتظرنا أو ينتظرني .لحسن الحظ لم تكن نفس الخيمة ,لم نكد ننتهي من الاستقرار حتى دخلت حافلة اخرى نفس زينا ونفس المنديل البرتقالي كشافة ومرشدات . من خلال العناق و الاستقبال الحار من طرف قادتنا وقادة الوافدين تبين لي انه سبق لهم اللقاء من قبل في مناسبات  عدة . من خلال لهجتهم عرفت انهم من مدينة طنجة.  كان قائد المخيم محسن عبد الصادق.  خيمتي تطل على مخيمهم مما مكنني من الاطلاع على انشطتهم و تحركاتهم.

امضينا اليوم الاول في الاستقرار وتهيئ الاركان عند فتح امتعتي اكتشفت اني نسيت ادوات الاكل مثلما نسيت لواء السداسية والدفتر الذهبي الذي صنعت .لم اخبر أحدا بالأمر ولم يسألني احد ولو أفراد سداسيتي .  خاصة  عن اللواء والدفتر الذهبي  .  الخميس 3  غشت انطلقت منافسات مخيم الهرهور ة . هذه المرة لن تكون بين سرب تبقال، بل شملت المنافسة سرب طنجة , مر تفتيش اركان اليوم الاول عاديا إلا من استثناءات ملابس متسخة بفعل السفر ,طعام في الاجربة,أحذية وأواني مبعثرة بعدها نزلنا الشاطئ القريب . اصابات بسيطة ناتجة عن الصخور و اشواك مختبأة تحت الماء . وغداء شهي . في القيلولة طلبت الاذن لغسل ازياء السداسية للظهور بمظهر احسن في حفل الافتتاح العام  . فأعطى القائد الامر للجميع بتنظيف الأزياء . بعض الأفراد ، لتانسيهم أو جهلهم ،علقوا الأزياء على جدوع  وغصون الأشجار ما ان جفت حتى لصق بها صمغ الصنوبر  أعادوا غسلها بالصابون والماء الساخن لكن اثر الصمغ ضل عالقا .

حفل الافتتاح كان عاما في الساحة العامة للمخيم ..أغلبنا لم يكن يحفظ النشيد الوطني ، واكتفينا  بتحريك شفاهنا فقط – لم نكن نردده في تجمعاتنا سواء الخاصة أو  العامة ، كنّا نرفع العلم أو نحييه بالنشيد الرسمي للجمعية “ياحمام السلام ”  فقط . أول مرة رددناه في التجمع العربي للجوالة سنة 1984 بالمعمورة .

مرت خمسة ايام وأنا استعمل علبة حليب معدنية صغيرة )علبة الحليب المركز ( وجدتها قرب  المطبخ . أصلحت نثوآتها بحجر  لشرب قهوة الصباح وشاي العصر ونية .  تحرق أصابعي وشفتاي  بسبب حرارة السائل .اما الصحون فكنت اشارك الطيب او رشيد صحونهما . في اليوم السادس نزلنا شاطئ الرمال الذهبية –sable d or–البعيد بخمس وأربعين دقيقة مشيا في  طريق الغابة .  شاطئ جميل وهادئ ورمال استحقت التسمية فعلا  . نفضل عناء الشمس الحارقة والطريق الطويل لهذا الشاطئ على شاطئنا المعتاد . اغتنمت مرور بائع اواني متجول في طريقنا واشتريت صحنين بلاستيك اخضر وأحمر وكوب  معدنيا من النوع الممتاز.  ذكرني بكوب جدتي إلا أنه جديد  لازمني جميع مخيماتي حتى ضاع في خرجة  للفرع بسيدي احرازم سنة1983 .

مرت  ايام المخيم متشابهة .المنافسات على اشدها بين السداسيات والافراد .الكل يريد اظهار تميزه عن الاخرين . وفي كل شيء حتى في الشغب ولو كان خيالا   . أحداث  غيرت بعض الروتينية .  كزيارة القادة عبد العزيز بوثنين و الوالي جمال وآخرون . كلهم قدموا من المعموة . كان الوالي جمال صارما . شارك في تفتيش الاركان مرتين وكأنه جاء باكرا لهذا الغرض . اذاقنا الامرين بتدقيقه في تفتيش الاجربة والافرشة والأجسام و الثياب وخبايا الخيمة.  يوم حضوره كل السداسيات كانت دون المتوسط  . اي شبل او زهرة لم يستحق المثالية . في يوم أخر  عاقب شبلين بحرمانهما من النزول للشاطئ و تنظيف المطعم كله .  قبلا العقاب اعترافا بخطئهما وعاقب كشافا  بالفلقة . لا نعلم لماذا ولكن كان عقابا استحقه باعتراف الكشاف نفسه  . لكن متعتنا كانت في سهرات وأمسيات الاناشيد وذلك بالكم الهائل الذي حفظناه،  وحسن اداء القائد بوخاتم . حفظنا   اناشيد بالفرنسية لم نكن نفهم معناها ولكن حفظناها لحلاوة لحنها . كما اتحفنا القائد بوثنين في احدى زياراته بحصة كان اولها نشيد التجمع ” موكب الكشاف سائر …”  اديناه بحماسة واناشيد اخرى لا زلت اذكرها للان .مسابقتان ثقافيتان الاولى على صعيد مخيمنا لاختيار احسن العناصر للمشاركة في الثانية على صعيد مخيم الهرهورة ككل.  لم نكن محظوظون في الاولى ولا في الثانية… ثم جاءت دورة هوبير أو الجمكانا كما كنا نسميها ولا نعرف معناها ولا نعرف لما سميت بذلك . لكن  تمتعنا بالمنافسة الفردية والجماعية …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock