كانت العائلة قد عادت من توها من عطلتها السنوية في ايموزا لاستعداد لشهر رمضان .لكني قررت مع ذلك الذهاب للمخيم ولمدينة اعرفها كما أعرف جيوبي . حتى موقع المخيم خلف حاجز الثلج مباشرة . ساحة كبيرة كثيرة الأحجار على جنباتها الخيام . مطعما مغطى على شكل شرفة مرتفعة و شبه مرافق صحية . كان مركزا للتداريب الشتوية والربيعية أيضا .لم يكن الجميع قد استقر بعد لعدم توافق الاعداد مع الخيام واختلاف اعداد الكشافة والأشبال ذكورا واناث وقلة الخيام. قضينا اول ليلة باردة اذكر انها امطرت لمدة ساعة بداية المساء . مطر ورعد وبرق تعجب البعض من هذه الظاهرة في شهر غشت . لكنها عادية لارتفاع درجة الحرارة بالنهار وانخفاضها بالليل .وتعودت هذا الجو بحكم ترددي على ايموزار .بل كنت اتمتع به كثيرا .رياح قوية وغبار متطاير ثم رعد وبرق ومطر غزير . ينقطع فجأة كما بدأ . بعده سكون وانتعاش ورائحة تراب مميزة .
البرنامج بسيط وكانه فترة للراحة. لم تكن تلك الحماسة التي شهدتها بالهرهورة . المهام العادية من ترتيب للأركان سباحة في المسبح البلدي من حين لآخر . على ذكر المسبح البلدي لايموزار ، ففيه تعلمت السباحة منذ سنوات خلت وانا في سن السابعة . كنت أدخل مسبح الأطفال .في يوم قررت اختي أن تعلمني السباحة فرمتني بالمسبح الكبير . الخوف من الغرق جعلني أحرك رجلي ويدي . حتى وصلت الحاجز . خاصمتها وانا أبكي وأصرخ . لكن اكتشفت بعدها فن العوم عندما هدأ الخوف وبمساعدة اخوتي . كانت جولات في الغابة صباحا تطول إلى وقت الغداء . قيلولة طويلة تتبعها العاب و أناشيد ومسابقات رياضية .عفوية بين السداسيات وأحيانا مختلطة يشارك فيها حتى القادة . وقبل الإفطار جولات في المدينة .بالليل سهرات متنوعة اطربنا فيها القائد عبد العزيز بوثنين والقائد ادريس بو خاتم بأناشيد وأهازيج . كنا سريعي الحفظ والتلقي ظهر ذلك من خلال عدد الأناشيد المحفوظة وتنوعها .كما كان القادة لهم أسلوب مميز في التلقين . . زاد من رتابة البرنامج شهر رمضان . لم يأثر علينا نحن الأشبال لكن كان شديدا على الصائمين لطول ساعات الصيام وحرارة النهار واختلاف نظام وعادات الاكل عنها في المنازل . خاصة إفطار فاس .كنا نسهر حتى السحور نتسحر مع الصائمين ونكون أول الحاضرين في وجبة الفطور والغذاء وبالطبع على مائدة الإفطار لأنها كانت العشاء لنا .
كانت لنا مغامراتنا الخاصة .شغب وشجارات الطفولة تنتهي بظهور القائد . المخيم محاذيا لبستان تفاح وكرز . اشجار التفاح قد أوشكت النضوج . تفاح اخضر وكبير الحجم . حموضته عالية حتى عندما ينضج لكنه لذيذ جدا .نتسلل ونقطف ما نشاءنا من تفاح واغلب الاحيان واحدة لا نستطيع إكمالها لكبر حجمها . نخزن الباقي تحت أسرتنا ونأكله عندما ينام الجميع . نجتاز به ساحة المخيم تحت ملابسنا . نضن اننا نخبأه ، تفاحة واحدة أكبر من كرة اليد فكيف بإثنين أو ثلاثة .؟!في أحد الايام بينما أحدنا يراقب الطريق ويراقب تحركات القادة . يعطينا إشارة بالتقدم أو التراجع فاجئنا صاحب المزرعة ونحن وسط الأشجار .لا ندري من أين اتى و لم ندري كيف وصلنا الخيمة واجتزنا الحاجز الشوكي القصير؟ . اختبئنا ننتظر ماذا سيحدث . تمت المناداة علينا جميعا ونحن نرتجف من شدة الخوف من العقاب الكشفي الذي سنتعرض له .لم نشهده قط بل هو وعيد من طرف القادة لضمان الامتثال للقوانين و للأوامر .كان الذي خاطبنا صاحب المزرعة وليس القادة .كلامه رجاء اكثر من شكوى او تأنيب . مازال يرن في أذني كلما شاهدت تفاح ايموزار :”آوليداتي كلوا لي بغيتوا بتاع تفاح هي ما تغصبوليش شجيراتي الله يرضي عليكوم “قال كلماته وانصرف من باب المخيم وكأنه مجرد عابر سبيل وليس مشتكي أو متضرر . لكن التوبيخ جاء من طرف القادة .خاصة عندما اعطانا صاحب الحقل رخصة قطف ما نشاء .اصبحنا اكثر حذرا عن اجتيازنا الحاجز ونكتفي بتفاحة …