عرفت الحركة الجمعوية بالمغرب عدة نطورات تاريخية كبرى، فقد ظهرت معالمه الواضحة فبيل الإستقلال، من خلال المؤسسات التقليدية المتمثلة في الزوايا والجماعة والتويزةوالرباطات والأوقاف… هي التي تقوم بكل ما يسمى الآن بالعمل العمومي الجماعي والحكومي (الجماعة والأوقاف والرباطات) بالإضافة إلى العمل الجمعوي الثقافي والاجتماعي (الزوايا والأوقاف) والعمل التعاوني (التويزة).
وفي عهد الاستعمار كانت هناك قوانين تنظم العمل الجمعوي، ولكنها كانت خاصة بالمستعمرين فقط، وكان المغاربة ممنوعون من ممارسة العمل الجمعوي، وحتى إذا ما كان يسمح لهم به يتعرضون للمضايقات و المنع لأنشطتهم، وكان العمل الجمعوي في الغالب بمثابة ستار للعمل الوطني التحريري الذي تميز بالسرية في أغلب الأحوال. أما في عهد الاستقلال، فقد اعتبرظهير 15 نونبر 1958 المنظم لحق تأسيس الجمعيات مع مجموعة من التعديلات التي أتت فيما بعد، القانون المؤطر، و الذي يسمح بممارسة العمل الجمعوي بكل حرية.
و بعد الحراك الذي عرفه المجتمع المغربي، في ظل ما سمي بالربيع العربي سنة 2011، و الذي كان من أهم نتائجه تغيير الدستور المغربي.هذا الدستور الذي أعطى أدوار جديدة للمجتمع المدني خصوصا الجمعيات للمساهمة في التنمية والمشاركة الفعالة في تدبير الشأن العام، وفي هذا الاطار كان لابد من ملائمة الاطار القانوني المنظم للجمعيات مع هذه المقتضيات الجديدة، وقد عملت اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة على صياغة مسودة لمشروع قانون ينظم عمل الجمعيات، هذه المسودة مكونة من 100 مادة مقسمة على سبعة ابواب رئيسية، وتشمل مجموعة من المقتضيات خصوصا المتعلقة بكيفية التأسيس ومبادئ التدبير الجيد ثم اهم الجزاءات.
وللإشارة فان تنظيم عمل الجمعيات منظم بظهير 15 نونبر 1958 المنظم لحق تأسيس الجمعيات مع مجموعة من التعديلات التي أتت فيما بعد.
ومن بين أهم النقط التي أتت بها المسودة الجديدة مقارنة مع الظهير السالف الذكر نجد ما يلي:
الأكام العامة:
أول ما يمكن ملاحظته في هذا الباب، هو استثناء الجمعيات ذات الطابع الخاص، و الجمعيات التابعة للأحزاب السياسية من مقتضيات هذا القانون. و هنا السؤال المطروح هل هذه الجمعيات ذات الطابع الخاص أو التابعة للأحزاب ستضل تعمل و فق ظهير 58، رغم محدوديته موازاتا مع دستور المملكة و خاصة فيما يتعلق بتأطير المواطنات و المواطنين، و أيضا الشباب في مسألة المشاركة في تدبير الشأن المحلي؟ أم ستتم صياغة قانون منظم لهذه الجمعيات بشكل مستقل؟
كما تم التأكيد على أن الجمعيات إطارات تتمتع باستقلاليتها عن أجهزة الدولة، النقابات و الأحزاب السياسية، لكن يبقى مصطلح الإستقلالية فضفاضا، مالم نحدد أدوار المنتخبين النافدين داخل الجمعيات و ما لهذا النفود من تأثير على أداء الجمعيات.
التأكيد على إعمال مبادئ الحكامة، الشفافية و الديمقراطية داخل الجمعيات، و الإلتزام بأحكام الدستور و والالتزاماتالدوليةالمصادقعليهامنطرفالمملكةالمغربية.
مسطرة التأسيس، الحقوق و الواجبات و المسائل الزجرية:
خصوصا فيما يتعلق بتسلم الوصل المؤقت وانتظار الوصل النهائي، اذ لم يعد مؤسسوا الجمعيات بحاجة الى وصلين اثناء تأسيس جمعيتهم “مؤقت ونهائي”، حيث اكتفت المسودة بوصل التصريح فقط، والذي يسلم فورا ودون تأخير أثناء تقديم ملف التصريح، وهذا التصريح يخول للجمعية المؤسسة التمتع بكل الحقوق المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، وفي ممارسة أنشطتها المقررة في قانونها الاساسي. كما أن رفض تسليم الوصل أو طلب اضافة وثائق اخرى غير تلك المنصوص عليها في القانون يعرض الموظف المكلف بتلقي تصريحات التأسيس لجزاءات تصل إلى 20 الف درهم وتضاعف العقوبة أثناء العود بالإضافة الى عقوبات تأديبية أخرى.
يوضع تصريح التأسيس لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية التابع لها مقر الجمعية، عوض تقديمه الى مقر السلطة الادارية المحلية
[color-box color=”yellow”]تمحصر الوثائق التي يتضمنها ملف التصريح في:
– نسخة من القانون الأساسي للجمعية،
– نسخة من محضر الجمع العام موقعة من رئيسها أو ممثلها القانوني،
– نسخة من لائحة بأسماء وعناوين أعضاء الهيئة المسيرة للجمعية ومهامهم،
– نسخة من من بطائق التعريف الوطنية لأعضاء الهيئة المسيرة، أو بطائق الإقامة بالنسبة للأجانب.
– بالإضافة الى نظير واحد من كل الوثائق المذكورة، وتكون هذه الوثائق موقعة ومصححة الإمضاء.
[/color-box]و في حالة وجودنقص في الوثائق المكونة لملف التصريح،يقوم الموظف المعني بإرجاع الملف الى المصرح مع تعليل مكتوب مؤرخ ومختوم، يتضمن نوعية وعدد الوثائق الناقصة، على أن يستوفي المصرح الشروط القانونية للتصريح ويجدد وضع طلبه في أجل أقصاه ستون يوما.
تمديد آجل التبليغ عن اي تغيير يطرأ على الجمعيةمن شهر في القانون الحالي إلى 60 يوما في المسودة الجديدة.
تنص المسودة الجديدة علىأهمية القانون الداخليللجمعيات كآلية للتدبير الجيد، إذ يساعد على تطبيق الديموقراطية الداخلية
تطوير آليات التدبير الماليووضع آليات لترسيخ مبادئ الحكامة؛ كالشفافية والمسائلة وتكافؤ الفرص … وذلك من خلال التزام الجمعيات نشر حساباتها المالية ووثائق المصادق عليها سنويا بكل الوسائل المتاحة، بالإضافة الى ضرورة مسك المحاسبة والمحافظة على الوثائق المحاسبية لمدة 5 سنوات.
تحديد المبادئ التي يتم وفقهاعقد شراكاتمع السلطات العمومية والجماعات الترابية، وخصوصا مبادئ الندية و التكافؤ والمشاركة، كما تم تحديد بعض المجالات التي تشملها هذه الشراكات، كتنمية ثقافة المواطنة والديموقراطية، وتنمية السلوك المدني وثقافة التطوع والتضامن، وإعداد وتنفيذ وتقييم مخططات التنمية الجماعية…
لم تكتفي المسودة بتحديد المبادئ التي تتم وفقها الشراكات وتحديد مجالاتها وطبيعة هذه الشراكات التي يجب ان تكون عقود مكتوبة، فقد حددت كيفية عقد هذه الشركات والتي يجب أن تنشر سنويا اعلانات عن برامج للشراكة مع الجمعيات لتلقي العروض
جريدة القلم عصام عطور